للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذم، كما في قوله - يهجو كافرواً (١):

وتعجبني رجلاك في النعل، إنني ... رأيتك ذا نعل إذا كنت حافياً

وأنك لا تدري ألونك أسود ... من الجهل أم قد صار أبي صافياً

ويذكرني تخييط كعبك شقة ... ومشيك في ثوب من الزيت عارياً

وقد أشار هذا الذي ذكرناه، من أن الخبر كثيراً ما يقصد به أغراض تتجاوز حدود الفائدة ولازمها، سعد الدين التفتازاني، إذ يقول:

"كثيراً ما تورد الجملة الخبرية لأغراض أخر سوى إفادة الحكم أو لازمه. كقوله تعالى - حكاية عن امرأة عران: "رب إني وضعتها أنثى" إظهاراً للتحسر على خيبة رجائها وعكس تقديرها والتخزن إلى ربها، لأنها كانت ترجو وتقدر أن تلد ذكراً. وقوله تعالى - حكاية عن زكريا عليه الصلاة والسلام - {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} (٢) إظهاراً للضعف والتخشع، وقوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٣) الآية، إنكاراً لما بينها من التفاوت العظيم، ليتأنف القاعد، ويترفع بنفسه عن انحطاط منزلته، ومثله: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (٤) تحريكاً لحمية الجاهل، وأمثال هذا أكثر من أن يحصى: وكفاك شاهداً على ما ذكرت: قول الإمام المرزوقي في قوله:

قومي هم قتلوا - أميم - أخي ... فإذا رميت يصيبني سهمي

هذا الكلام تحزن وتفجع وليس بإخبار (٥).


(١) ... ديوان المتنبي جـ ٤، ص ٢٨٥.
(٢) ... مريم ٤.
(٣) ... النساء ٩٥.
(٤) ... الزمر ٩.
(٥) ... المطول ص ٤٣.

<<  <   >  >>