للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنه قول عبد الله بن عتمة الضبي (١) - في مقتل بسطام بن قيس وقد قتله عاصم بن خليفة الضبي، وكان بن عتمة مجاوراً في بني شبيان فخاف على نفسه منهم فرثاه بأبيات منها:

لك المرباع منها والصفايا ... وحكمك والنشيطة والفضول

أفاتته بنو زيد بن عمرو ... ولا يوفى ببسطام قتيل

وخر على الألاءة، لم يوسد ... كان جبينه سيف صقيل

المرباع: ربع الغنيمة؛ وكان يأخذه رئيس القوم من الغنائم - وهذه عادتهم في الجاهلية، والصفايا: ما يختاره الرئيس لنفسه من خيار الغنيمة، والنشيطة: ما أصابه الجيش وهو في الطريق، والفضول: ما فضل من الغنيمة فلم ينقسم، الألاءة: شجرة معروفة عندهم.

والمعنى: أن هذا المفقود قد كانت له إمارة تامة على أصحابه، وكان ممتازاً بينهم بما ذكر، وأن بني زيد قد أضاعوا دمه - وهو الذي لا يكافئ دمه دم قتيل ما - وأن من إضاعتهم إياه: أن تركوه حتى سقط على شجرة الألاءة، فلم يوسدوا رأسه وجيشه بعد أن قتل، كأنه السيف الصقيل إضاءة، وذلك من سمات الشجعان.

وقد رأيت أن الشاعر كان يخاطبه بقوله: ولك المرباع منها، "وحكمك" ثم التفت عن مخاطبته إلى الحديث عنه على طريق الغيبة؛ فقال: "أفاتته بنو زيد بن عمرو" الخ.

وذلك لأن الحديث - أولاً - كان عن حياة بسطام حيث كانت إمارته على أصحابه وتميزه عليهم فنزله منزلة المخاطب إجلالاً له وتعظيماً، لأن


(١) ديوان الحماسة لأبي تمام ١/ ٤٢٨.

<<  <   >  >>