للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالت طريفة: ما تبقي دراهمنا ... وما بنا سرف فيها ولا خرق

إنا إذا اجتمعت يوما دراهما ... ظلت إلى طرق الخيرات تستبق

لا يألف الدرهم المضروب صرتنا ... لكن يمر عليها وهو منطلق

حتى يصير إلى نذل يخلده ... يكاد من صره إياه يتمزق

فالشاعر يفخر بأن دراهمه لا تبقي، لأنه ينفقها في طرق الخير، والدرهم الذي يأتيه لا يبقي إلا ربما يمر بصرته مرور الكرام، حتى يأتي إلى نذل يبقيه بقاء الدهر، لأنه لا ينفقه بل يصره حتى يكاد أن يتمزق من صره إياه.

والشاهد هنا قوله: (وهو منطلق) حيث عبر بمنطلق للأشعار بان انطلاق الدراهم من الصرة أمر ثابت لا يتجدد وأن الدراهم ليس لها استقرار في الصرة، مبالغة في المدح بالكرم.

ولو قال: (وهو ينطلق) لأفاد أن الانطلاق يتجدد، ومعني هذا أنهم يمسكون الدراهم زمانا ثم ينفقونها.

ومنه قول الله تعالي: " وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ " فالمعني علي أن الكلب علي هيئة ثابتة هي بسط الذراعين بفناء الكهف، ولو قال: وكلبهم يبسط زراعيه، لكان المعني أن الكلب يتجدد منه بسط الذراعين شيئاً

<<  <   >  >>