للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالغرض من مجيء المسند جملة فعلية هو إفادة التقوي، لأن كون المسند سبباً مما يقوي الحكم - أيضاً - لأنك في قولك: (محمد عطفت عليه) عندما قلت: محمد، تطلب الخير، فعندما أسندت إليه عطفك عليه تمكن الخبر من النفس، ولما كان في الخير ضمير عائد علي المبتدأ كان ذلك عقوباً للربط بين طرفي الجملة.

وإذا كان الفرق بين التعبير عن المعني بصيغة الاسم، والتعبير عنه بصيغة الفعل هو أن الأول يفيد الثبوت، والثاني يفيد التجدد، فإن هذا الفرق موجود بين التعبير بالجملة الاسمية، والتعبير بالجملة الفعلية.

أنظر إلى قول الله تعالي. . {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ (١)}.

فقد عبروا في خطاب المؤمنين بالجملة الفعلية (آمنا) أي حدث الإيمان بعد أن لم يكن، ولكنهم في خطاب إخوانهم عبروا بالجملة الاسمية (إنا معكم) أي ثابتون مستمرون علي ما كنا عليه من الكفر.

وأنظر إلى قول اله تعالي {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ (٢)}.

فقد جاءت الجملة الأولى (أدعوتموهم) فعلية، والجملة الثانية: (أنتم صامتون) أسمية، لتفيد الأولى التجدد والحدوث والثانية: الدوام والاستمرار، وعلي هذا فالمعني، سواء عليكم أن تحدثوا دعاءهم، أو أن تستمروا علي صمتكم.

وكان الوثنيون من عادتهم أنهم لا يدعون هذه الأصنام إذا نزلت بهم


(١) البقرة ١٤.
(٢) الأعراف ١٩٣.

<<  <   >  >>