للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي أن التقديم قد أفاد الفائدتين معاً: التخصيص وحسن النظم السجعي.

غير أن الذي نريد أن نناقشه مع ابن الأثير هو: أنه يقول: إن التقديم في الآيات السابقة من أجل حسن النظم السجعى فحسب، بدليل أنه لو أخر لفات هذا النظم السجعى. أما التخصيص فمفهوم من قرائن أخري.

ونحن نقول له: إن التقديم هنا يفيد التخصيص، وأما حسن النظم السجعى فقد جاء تبعاً للمعني. اما قولك بأنه لو أخر لفات هذا النظم السجعى، فننا نقول لك - أيضاً - إنه لو أخر لفسد النظم البلاغى الذي هو تتبع معاني النحو فيما بين الكلم علي حسب الأغراض التي يساق لها الكلام، وتبعه فوات حسن النظم السجعى، لأن الألفاظ - كما يقول عبد القاهر - خدم المعاني وتابعة لها.

وقد يكون تقديم المسند للتنبيه من أول الأمر علي أنه خبر لا نعت، وذلك كما في قول حسان بن ثابت - رضي الله عنه - في مدح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

له همم لا منتهي لكبارها ... وهمته الصغرى أجل من الدهر

فإنه لو قال: همم له، لتوهم السامع أن (له) نعت لهمم لأن النكرة تحتاج إلى صفة أكثر من احتياجها إلى الخبر.

وهذا التوهم - وإن كان يزول بمجرد النطق ببقية البيت إلا أن الإسراع بإيقاع المعنى في النفوس لأول وهلة انسب بمقام المدح.

وقد يقدم المسند للتشويق إلى ذكر المسند الآية: كالذي رووه من قول محمد بن وهب في مدح المعتصم بالله العباسي:

<<  <   >  >>