للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولطافة المعنى، والاستعارة، وحسن الخروج، ومجاورة الأضداد، والمطابق.

ولأن تلك القضايا التي تناولها ثعلب معدودة من بين قضايا النقد، فإنه قد عدها من فنون الشعر، أو ص ٥١ نقاد الشعر يعتبرون ثعلباً حلقة في سلسلة النقاد، كما يعتبرون كتابه مصدراً من مصادر النقد الأدبي عند العرب.

ولعل تلك النغمات التي رددها ثعلب في "قواعد الشعر" من عدة ص ٥١ تلك المسائل البلاغية الآنفة من فنون الشعر هي التي ألهمت معاصره عبد الله بن المعتز المتوفى سنة ٢٩٦ هـ أن ينتقل بالنقد الأدبي في كتابه "البديع" إلى طور جديد هو طور العناية بالصورة ودراسة الشكل، وقد كانت جهود النقاد الذين سبقوه مقصورة على المعاني والأفكار، أو على تقسيم الشعراء إلى طبقات.

أما هو فقد اتجه إلى دراسة شكل النص الأدبي وصورته، وكيفية تحسينه وتزيينه، ولهذا فإنه يورد في كتابه بعض الألوان البديعية التي بها تحسن الصورة الأدبية، وتكتسي ثوباً جميلاً، ومعرضاً شيقاً، ويعد من هذه الألوان البديعية: الاستعارة، والتجنيس، والمطابقة، ورد الإعجاز على ما تقدمها، والمذهب الكلامي، ثم عدد ألواناً أخرى بها يحسن الكلام، والشعر كالالتفات: والاعتراض، والرجوع، وحسن الخروج، وتأكيد المدح، وتجاهل العارف، والهزل الذي يراد به الجد، وحسن التضمين والتعريض والكناية، والإفراط في الصفة، وحسن التشبيه، ولزوم ما لا يلزم، وحسن الابتداء.

وأنت ترى أن تلك المباحث كلها مباحث بلاغية، وأنها في الوقت نفسه - كما رأى النقاد الأوائل - داخلة في إطار النقد الأدبي.

وفي مطلع القرن الرابع الهجري نجد محمد بن أحمد بن طباطبا العلوي

<<  <   >  >>