للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجواب: نعم؛ لأنَّ هذا تهديدٌ من الله عَزَّ وَجَلَّ لنَسْتقيمَ على أَمْرِه.

إذن نقول: إنَّ العُقوباتِ الحِسِّيَّةَ إن حَمَلَتْ على الإستقامَةِ فإنَّها مَحْمودةٌ؛ لأنَّها من فِعْل الله؛ ولهذا أَوْجَبَ الله علينا أن نَحُدَّ الزَّانِيَ، ونَقْطَعَ السَّارِقَ حتى يرتَدِع، فلا يقول قائِلٌ: إنَّك إذا فَعَلْتَ ذلك فقد حَمَلْت النَّاس على أن يتركوا الأَمْرَ لا لله؛ لأن بعضَ النَّاس يقول: كيف هذا، كيف تقع هذه الحدود؟ معناه أنَّ الإِنْسَان لا يترك الزِّنا أو السَّرِقة إلا خوفًا من العُقُوبَةِ، ومَعْنى ذلك أَنَّكَ تَحْمِل النَّاسَ على أن يَدَعُوا المحارِمَ لا خوفًا من الله ولكن خَوْفًا من العقوبة.

فنقول: إن هذا فيه إِصْلاحٌ، ووسيلَةُ الإصلاحِ لا يُشْتَرَطُ فيها من نِيَّة الذي يحاوَل إصلاحه.

وهل يُسْتَفادُ منها جوازُ إعطاءِ الجائِزَة تَشْجيعًا لمن عَمِلَ صَالحًا، من باب قياسِ العَكْسِ؟

الجواب: المُكافَأَة على العَمَل ثابِتَةٌ في السُّنَّة، وفي غَيْرِ السُّنَّة أيضًا، فالرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ" (١) أي: في الجهادِ في سبيل الله، و (سَلَبُهُ)؛ أي: ما عليه من الثِّيابِ ونَحْوها، وهذه مُكافَأَة.

والعُلَماء رَحِمَهُم اللهُ قالوا: يجوز أن يَجْعَل لمن دلَّهُم على حِصْنٍ وما أشبه ذلك، من الأُمُور التي فيها مَصْلَحة للمُجاهِدينَ، يجوز أن يَجْعَلَ له جُعْلًا، وكذلك للإمامِ أن يُنَفِّلَ السَّرِيَّة في الرَّجْعة وفي البِداءَة، كلُّ هذه من باب المُكافَأَةِ على فِعْلِ الخَيْرِ، فهذا


(١) أخرجه البخاري: كتاب فرض الخمس، باب من لم يخمس الأسلاب، رقم (٣١٤٢)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب استحقاق القاتل سلب القتيل، رقم (١٧٥١)، من حديث أبي قتادة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>