والضَّالِّين) استقام، لكن زِيدَتْ (لا) للتَّوْكيدِ.
قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ} هِدايَتَه فَيُجيبُه] أي: المُسْمَعُ [بالإيمان]؛ يعني أنَّ الله تعالى يدعو إلى دار السَّلامِ؛ كما قال في آيَةٍ أخرى:{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ}[يونس: ٢٥] دُعَاء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إلى دارِ السَّلام هل يَسْمَعُه كُلُّ أَحَدٍ؟
الجواب: أمَّا من حيث الإدراكِ الحِسِّيِّ فإنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَسْمَعُه، أمَّا من حيث الإجابَةُ فلا، فمن النَّاس من يُجيبُ، ومنهم من لا يُجيبُ؛ ولهذا قال:{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[يونس: ٢٥] فالله تعالى يُسْمِعُ من يشاء؛ بمَعْنى: من يكون أَهْلًا لاتِّباع هؤلاء الرُّسُل.
وقوله تعالى:{وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}: (ما) هنا حِجازِيَّة، واسْمُها الضَّميرُ {أنَت} والباءُ في {بِمُسْمِعٍ} زائِدَة للتَّوْكيدِ، و (مُسْمِع): خَبَرُها مَنْصوبٌ بِفَتْحَة مُقَدَّرَة على آخِرِه منع من ظُهُورها حَرَكَةُ حَرْفِ الجرِّ الزَّائِد.
{مَنْ}: مفعول لـ (مُسْمِع)؛ لأن (مُسْمِع) اسْمُ فاعل.
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} أي: الكُفَّارَ، شَبَّهَهُم بالمَوتى؛ فيُجيبوا] قَوْله:[فيجيبوا]، في بعض النُّسَخ:(فيُجيبونَ) وهذا خطأ؛ لأنَّ النون يَجِبُ أن تُحْذَف؛ لأنَّه جوابُ النَّفْيِ في قَوْله تعالى:{وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} وفي بعض النُّسَخ: (فلا يجيبون)، فهي مُنْفَصِلَة عما قبلها؛ أي: فهم في عَدَمِ إِسْماعِهِم لا يُجيبونَ.
على كُلِّ حالٍ: المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ يقول في قَوْلِه تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} بِقَوْله: [أي: الكُفَّار] والذي يظهر لي أنَّ المُرادَ به الموتى حَقيقَةً، والرَّسُولُ