المَوْصوفِ به، فالمَعْنى أنَّ ما جِئْتَ به ليس بباطِلٍ، بل هو صِدْقٌ في الأَخْبار وعَدْلٌ في الأَحْكَامِ.
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{بَشِيرًا}: من أجاب إليه {وَنَذِيرًا} من لم يُجِبْ إليه] فـ {بَشِيرًا وَنَذِيرًا} يعني أنَّك تُبَشِّر وتُنْذِر، لكن تُبَشِّر بالخَيْر من أجاب، وتُنْذِر بالعقوبة من لم يُجِبْ وعصى؛ وذلك لأنَّ الشّرْعَ يَتَضَمَّن أوامِرَ ونواهِيَ، فمن ارْتَكَبَ النَّواهِيَ أو تَرَكَ الأَوامِرَ واجهناه بالإنذارِ، ومن فعل الأوامِرَ واجْتَنَبَ النَّواهِيَ قابلناه بالبِشارَةِ.
قَوْله عَزَّ وَجَلَّ:{وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}: {وَإِن} نافية، و {مِّن} حرف جَرٍّ زائدٌ زائد - ويجوز أن نقول:(زائدٌ زائِدًا) على أنَّ (زائدًا) حالٌ من الضَّمير المُسْتَتِر في (زائِد) الأُولى - المُهِمُّ أنَّه زائدٌ لفظًا زائدٌ مَعْنًى، و {أُمَّةٍ} مُبْتَدَأٌ، وجُمْلَة {خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} خَبَرُها.
والأُمَّةُ هي الطَّائِفَة من النَّاس التي على مَنْهَجٍ واحِدٍ؛ كدين واحد، أو قَوْمِيَّة واحِدَة، أو ما أشبه ذلك، فهذه الأُمَّة، وليس كُلُّ طائِفَة نُسَمِّيها أُمَّة؛ فمثلًا: أنتم الآن لا نُسَمِّيكم أُمَّة إلَّا لأنَّكُم على طريقٍ واحِدٍ، لكن لو اجْتَمَعَتْ جماعَةٌ في مكان مُتَشَتِّتينَ، كلُّ واحدٍ له مَنْهَجٌ لا نقول: هؤلاء أُمَّةٌ، إلا إذا كانوا من قبيلةٍ واحِدَة، أو ما أشبه ذلك.
يعني: كُلُّ الأُمَم أَرْسَل الله إليهم نذيرًا؛ لتقوم عليهِمُ الحُجَّة؛ لأنَّه إذا لم يَكُنْ للنَّاسِ نذيرٌ فإنَّ لهم حُجَّة على رَبِّهم، يقولون: يا رَبَّنا ما أَرْسَلْتَ إلينا رُسُلًا.