للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبَعْضُهم قال: هي الخَوْفُ المَبْنِي على عِظَم المَخُوفِ، ولا يَمْتَنِع أن تكون الخَشْيَةُ هي الخوف بِكُلِّ الأَنْواعِ الثَّلاثَةِ؛ يعني: هي أعلى أَنْواعِ الخَوْفِ، أو الخَوْف المَبْنِي على العِلْم، أو الخَوْفُ المَبْنِيُّ على عِظَمِ المَخُوف.

أمَّا الخَوْف المُجَرَّدُ عن الخَشْيَة فقد يكون عن جَهْل، يخاف الإِنْسَانُ من شَيْء؛ لأنَّه جاهِلٌ به وإلا فليس أَهْلًا لأن يُخافَ منه.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} بخلاف الجُهَّال ككُفَّار مَكَّة]، وصَدَقَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ في قَوْلِه: [بِخِلاف الجُهَّال] وأمَّا التَّمْثيل بكُفَّار مَكَّة فليس على سَبيلِ الحَصْرِ، بل هو على سبيل المِثالِ، فكل كافِرٍ فهو في الحَقيقَةِ جاهِلٌ.

وهل هذه الجَهالَةُ جَهالَةُ عِلْمٍ أو جَهالَةُ تَصَرُّفٍ؟

الجوابُ: هي جَهالَةُ تَصَرُّف في الغالِبِ، وإلا فإنَّ الكافر يكون عنده عِلْمٌ؛ لَكِنَّه - والعياذ بالله - يَسْتَمِرُّ على طغيانه ولا يُؤْمِنُ.

قَوْله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}.

{عَزِيزٌ} أي: ذو عِزَّةٍ، قال العُلَماء رَحِمَهُم اللهُ: والعِزَّةُ ثلاثَةُ أَنْواع؛ عِزَّة القَدْرِ، وعِزَّة القَهْر، وعِزَّة الإمْتِناع.

فأما عِزَّة القَدْرِ فمعناها أنَّ الله تعالى ذو قَدْرٍ عزيز، والقَدْرُ معناه المكانَة والشَّرَف والسُّؤْدُد ونحو ذلك.

عِزَّة القهر؛ أي أنَّ الله تعالى غالِبٌ غَيْرُ مَغْلوبٍ، ومنه قَوْله تعالى: {فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [ص: ٢٣] أي: غَلَبَني.

<<  <   >  >>