للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولماذا لا نقول: الطُّيُور مطلقًا؛ كما قال تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ} [النحل: ٧٩] فهي تَنْزِلُ من السَّماء وهي رِزْقٌ للعِبادِ أيضًا؟

والجوابُ: هي رِزْقٌ من الأَرْضِ ومِنَ السَّماء.

ويُمْكِن أن نقول: إنَّ الطَّلَّ مِنَ الرِّزْقِ الذي هو المَطَر (الرُّطوبَة)، وهي من السَّماء أيضًا وهي رِزْقٌ؛ لأنَّها تَنْفَعُ الأَشْجار.

قَوْله: [{مِنَ السَّمَاءِ} ومِن (الْأَرْضِ)] قدَّرَ {مِّنَ} إِشَارَة إلى أن (الأَرْضَ) معطوفةٌ على السَّماء.

قَوْله: [{يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ} المَطَرَ، ومِنَ (الْأَرْضِ) النَّباتَ]، وهذا صحيح، لكنه قاصِرٌ؛ لأنَّ الرِّزْقَ من الأَرْض أكْثَرُ من النَّباتِ، فالرِّزْق من الأَرْض يَشْمَلُ النَّباتَ والمَعادِنَ، والمياه؛ وغيْرُ ذلكَ كَثْيرٌ من الأَرْضِ.

وَقَوْله: [والإسْتِفْهامُ للتَّقْريرِ؛ أي: لا خالِقَ رازِقٌ غَيْرُه] قَوْله: [للتَّقْريرِ] ثم قال: أي: [لا خالِقَ] هذا شِبْهُ تناقُضٍ؛ لأنَّ قَوْله: [لا خالِقَ] يقتضي أن يكون معناه النَّفْيَ، وهو كذلك، فهو للنَّفْيِ المُشْرَبِ بالتَّحَدِّي، وأنَّه لا خالِقَ إلا الله، وإذا كان لا خالِقَ إلا اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإنَّ الواجِبَ أن نعبد الله وَحْدَه، قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [البقرة: ١٦٣]؛ أي: (لا معبود حقٌّ إلا هو)، وكيف تعلمونَ أنَّه لا رازِقَ يَرْزُقُنا من السَّماء والأَرْض إلا اللهُ، ثم تذهبون فتَعْبدونَ غَيْره؟ ! هل هذا إلا نَقْصٌ في التَّصَوُّر، ونقصٌ في العَقْلِ أيضًا والتَّصَرُّفِ؟ ! فهو نَقْصٌ في التَّصَوُّر والعقل والتَّصَرُّف.

فإذا كان لا رازِقَ إلا اللهُ كيف تَعْبُد اللَّاتَ والعُزَّى ومَناةَ وهُبَلَ، والأشْجارَ

<<  <   >  >>