للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأَحْجارَ، والشَّمْس والقَمَر، والبَقَر أيضًا، فيوجَدُ أناسٌ يَعْبدونَ البَقَرَ، وأنَّه إذا مَرَّتِ البَقَرَة على طريقِ القِطارِ الحَديدِ فإنَّه يجب أن يَقِفَ ولو تكَسَّرَ كلُّ مَن فيه، وطبعًا القطارُ يَمْشِي بِسُرْعَة إذا وقف تصادَمَتِ الأقراص، ومات مَنْ فيها، أو تَكَسَّر، ومع ذلك يقول هؤلاء يجب أن تَقِفَ؛ لأنَّ هذه إله، أو أن تَدْخُل دكَّانه وتأكُلَ ما شاءت وتَدَعَ ما شاءت!

هل هذه عُقُولٌ؟ ! الجواب: لَيْسَت عُقُولًا، وكانوا في الجاهِلِيَّة يصنعون آلِهَة من التَّمْر، فإذا جاعوا أَكَلوها، أكلوا الإِله، فإذا كان الله عَزَّ وَجَلَّ هو الرَّازِقَ وَحْدَه بإقْرارِكُم واعْتِرافِكُم فيجب أن يكون هو المَعْبودَ وَحْدَه؛ لِقَوْلِه تعالى: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [البقرة: ١٦٣].

وأمَّا إِعْرابُ هذه الجُمْلَةِ العَظيمَةِ التي بها يَدْخُل الإِنْسَانُ في الإِسْلام أو يَخْرُج؛ يَدْخُل إن نَطَقَ بها، ويَخْرُج إن أَنْكَرَها.

فإِعْرابُها فيه سِتَّةٌ أَوْجُهٍ للنَّحْوِيِّينَ، وألَّفَ بَعْضُ العُلَماءِ رسالَةً في ذلك، ولكن أَحْسَنُ ما يُقالُ في إِعْرابها أنَّ: (لا): نافِيَةٌ للجِنْسِ، و (إلَه): اسْمُهَا، وخَبَرُها مَحْذُوفٌ تَقْديرُهُ: (حَقٌّ)؛ أي: لا إِلَه حَقٌّ و (إلا): أداة استثناء، و (الله): بدلٌ من الخَبَرِ المَحْذوفِ.

وهل النَّفْيُ هنا مُسَلَّطٌ على (الوجود) أو على الوجود بِحَقٍّ؟

الجواب: (على الوُجودِ بِحَقٍّ)؛ لأنَّ هناك آلِهَةً دون الله تُعْبَدُ، لكن لَيْسَتْ بِحَقٍّ، قال الله تعالى: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الشعراء: ٢١٣]، وقال: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} [هود: ١٠١]، فالآلِهَة موجودَةٌ، لكنَّها لا تَسْتَحِقُّ أن تكون آلهةً؛ إذ ليس لها رُبوبِيَّة.

<<  <   >  >>