وإذا تَتَبَّعْتَ الواقِعَ وَجَدْتَه شاهدًا لِقَوْلِ الله تعالى هذا، وأنَّ أعداء المُسْلِمين لا يُمْكِن أبدًا أن يَسْعَوْا في إعزازِ المُسْلِمينَ، بل يَسْعَوْنَ بكلِّ جُهْدِهم إلى إذلالِ المُؤْمِنين وخِذْلانِهِم، لكنهم يَمْكُرونَ، ويُخادِعونَ، ويَسْخرونَ، ويَسْتَهْزئون؛ لينالوا مآرِبَهم، ويضربوا النَّاسَ بَعْضَهُم ببعض.
فالحاصِلُ: أنَّه إذا كانت العِزَّة لله فمن أين نَطْلُبُها؟
الجواب: من الله، لا من غَيْره.
قَوْله تعالى:{جَمِيعًا} حالٌ من العِزَّة التي هي المُبْتَدَأ المؤَخَّرُ، وفي قَوْله تعالى:{فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ} فيها حَصْرُ العِزَّة لله عَزَّ وَجَلَّ، ووَجْهُه: تقديمُ الخَبَر؛ لأن تقديم الخَبَرِ يُفيدُ الحَصْر.
إذن: تقديمُ الخَبَر يفيد الحَصْرَ؛ لأنَّ لدينا قاعِدَةً سبقت: وهي أن تقديم ما حَقُّه التَّأخيرُ يُفيد الحَصْرَ.
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} أي: في الدُّنْيا والآخِرَة فلا تُنالُ منه - أي: فلا تُنالُ العِزَّةُ من الله - إلا بطاعَتِه، فَلْيُطِعْه] أي: فَلْيُطِعْه