الله؛ يعني: يَعْرُج إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، لكن المُفَسِّر - غفر الله لنا وله - أراد أن يَبْعُدَ عن إثباتِ العُلُوِّ الذَّاتِيِّ، فقال:[يَعْلَمُه]، ولو كان المُرَاد العِلْمَ، لم يقل:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ} لأنَّ العِلْمَ لا يَلْزَمُ منه الصُّعُودُ، بل قد يكون العالِمُ بالشَّيْء أَنْزَلَ من الشَّيْءِ؛ كما لو كُنْتَ في أَسْفَلِ البِئْرِ وأنت تعلم ما فوق.
على كلِّ حالٍ: هذه هَفْوَةٌ من المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ، نسأل الله أن يَعْفُوَ عنه.
ونقول: إلى الله يَصْعَدُ؛ أي: يرتَفِعُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ؛ لأنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ في العُلُوِّ، وأدِلَّةُ العُلُوِّ قد بُيِّنَتْ في العقائِدِ، وأنَّها خَمْسَةُ أَنْواعٍ: الكِتَاب، والسُّنَّة، والإجْماع، والعَقْل، والفِطْرَة؛ كُلُّها مُتَّفِقَة على عُلُوِّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بذاتِهِ، وفي كِتَاب (الإقناع)(١) أنَّ شَيْخَ الإِسْلامِ رَحِمَهُ اللهُ يقول: من زَعَمَ أنَّ الله تعالى معنا بذاتِهِ في المكانِ فهو كافرٌ.
وَقَوْله تعالى:{الْكَلِمُ} اسْم، جَمْع (كَلِمَة)، فهو دالٌّ على الجمع، وما المُرَاد بالكَلِمِ الطَّيِّبِ؟
الكَلِمُ الطَّيِّب هو كلُّ كَلِمٍ يُقَرِّبُ إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، فـ (لا إله إلا الله) من الكَلِم الطَّيِّب، وسبحان الله، والحَمْد لله، والله أكبر، كُلُّها من الكَلِم الطَّيِّب، والقُرْآنُ من الكَلِم الطَّيِّب، والأَمْرُ بالمعروف والنَّهْيُ عن المُنْكَر من الكَلِم الطَّيِّب، وقِراءَةُ العِلْم من الكَلِم الطَّيِّب، وكُلُّ قَوْلٍ يُقَرِّب إلى الله فهو من الكَلِمِ الطَّيِّب.
والكَلِمُ الطَّيِّبُ يقابله نوعان من الكَلَام: كَلِمٌ رَدِيءٌ خَبيثٌ، وكَلِمٌ لا هذا ولا هذا، لا يُوصَفُ بأنَّه طَيِّب ولا يوصف بأنَّه خبيثٌ.
أمَّا الكَلِمُ الخَبيثُ فككَلِمَةُ الكُفْرِ والسَّبِّ والشَّتْمِ واللَّعْن لمن لا يَحِلُّ سَبُّه