للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأعيانٍ، فالعَيْنُ واحِدَة، لكنَّ أَوَّلَها التراب، فإذا أُضيفَ إليها الماءُ صارت طينًا، فإذا أُطْرِي وأَخَذَ مُدَّةً صارت حَمَأً مَسْنُونًا مُتَغَيِّرًا؛ يعني الطِّينُ إذا أَكْثَرْتَ فيه الماءَ تَجِدُه يَسْوَدُّ وتكون له رائِحَة، والرَّابِعُ من صلصالٍ كالفَخَّارِ هذا بعد أن كان حَمَأً مَسْنُونًا يَبِسَ وصار صَلْصالًا كالفَخَّار، ثم نَفَخَ الله فيه الرُّوحَ، فيكون هنا التَّغَيُّر تَغَيُّرَ أوصافٍ، والأَصْلُ فيه التُّرابُ.

قَوْله تعالى: {ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} أتى بـ (ثم) الدالَّةِ على التَّراخي والتَّرْتيب؛ لأن (ثم) تدلُّ على التَّراخي والتَّرْتيب، و (الفاءُ) تَدُلُّ على التَّرْتيبِ بدون تراخٍ، هنا قال: {ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} لأنَّه لمَّا خَلَقَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى آدَمَ وخَلَقَ ذُرِّيَّتَه تَناسَلَتْ هذه الذُّرِّيَّة بواسِطَةِ هذا الماء الذي هو النُّطْفة، والنُّطْفة هي الماء القَليلُ.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} أي: مَنِيٍّ بِخَلْقٍ ذُرِّيَّتِه منها]؛ أي: من هذه النُّطْفَة، والغَريبُ أنَّ هذه النُّطْفَة القَليلَةَ يَذْكُر عُلَماءُ الطِّبِّ أنَّها تَشْتَمِل على ملايينَ من الحيواناتِ المَنَوِيَّةِ، وهذه النُّطْفَة التي يَزْعُمونَ أنَّها ملايينُ - وهم أعلم منا بذلك - لا يَصْلُح منها إلا واحِدٌ في الغالِبِ، أو اثنان، أو ثلاثة، أو أربعة، هذا أنْهى ما سَمِعْت، أنَّه يُولَدُ للمَرْأَةِ أَرْبَعَةُ أولادٍ في بطنٍ واحِدَة، واللهُ على كل شَيْءٍ قَديرٌ، قد يَزيدُ في الخَلْقِ ما يشاء.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا} ذكورًا وإناثًا].

قَوْله تعالى: {أَزْوَاجًا} فسَّر المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ هنا الأَزْواجَ بالذُّكورَةِ والأُنُوثَةِ بِقَرينَةِ قَوْله تعالى: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ} الأَزْواجُ هنا باعْتِبارِ الجِنْسَيْنِ: الذَّكَرِ والأنثى، ويؤيِّدُ تَخْصيصَ الأَزْواجِ هنا بالذُّكُورَةِ والأُنُوثَةِ قَوْله تعالى: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى} أمَّا إذا نَظَرْنا إلى لَفْظِ أَزْواجٍ فإنَّ الأَزْواجَ بِمَعْناها

<<  <   >  >>