مِثالُ المختلِطِ عبدُ الرزاق بنُ همّام الصَّنْعانِي الإمامُ صاحبُ المصنَّف. قال أحمد: "مَنْ سَمِعَ منه بَعْدَما عَمِيَ فليس بشيء، وما كان في كُتُبه فهو صحيح. وما ليس في كتبه فإنه كان يُلَقَّن فَيَتَلَقَّن". والضابطُ لِمَنْ سَمِع منه قَبْلَ الاختلاطِ أنْ يكونَ سَمَاعُه قَبْل المئتين. فَمِمَّنْ سَمِعَ منه قَبْلَ الاختلاطِ الأئمةُ: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهُوْيَه، وعلي بن المديني، ووَكِيع، ويحيى بن مَعِين. وممَّنْ سَمِعَ منه بعدَ ذلك: إبراهيمُ بن منصور الرَّمَادِيّ، وإسحاق بن إبراهيمَ الدَّبَرى. هذا وقد تنكَّبَ عن جادَّةِ الصواب بعضُ مَنْ نَصَبَ نفسَهُ للحديث إذ ضَعَّفَ حديثَ عبد الرزاق الذى في مصنَّفهِ (٤: ٢٦١ و ٢٦٢) في صلاة التراويح بأنَّ عبدَ الرزاق قد اختَلَطَ، لِيَسْلَمَ له دَعْواه عدمَ مشروعيةِ أدائها عِشرين ركعةً، فقد عَرفْتَ أنَّ كُتُبَه صحيحةٌ، وأنَّ التخليط أضرَّ بما سُمِع منه ممّا كان يُحَدِّثُ به من حِفْظِه. لكن الرَّجُلَ ضحَّى بهذا الجامعِ العظيم من جوامع الحديثِ النبويِّ في سبيل فكرتِه التي يُصِرُّ عليها. (٢) أى بورود الحديث من طريقِ راوٍ مُعتَبرٍ، أى مرتبتُه "يعتبر به" في الجَرْح والتعديل. وهذا يشمَلُ مَنْ قِيل فيه: "صدوقٌ" إذا لم يَثْبُتْ ضَبْطُه فما دُونَه من مراتبِ التعديل والمرتبتين الأولى والثانية من مراتبِ الجَرْح، مثل: فيه لِينٌ، ضَعيف. فإذا ورد حديثه من طريق آخر مثله أو أقوى منه صار حسنًا، وهو الحسن لغيره. وانظر فيما سبق تعريفه للترمذى ص ٦٧.