للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَتميزْ تُوُقِّفَ فيه، وكذا من اشْتَبَهَ الأمرُ فيه، وإنما يُعرَفُ ذلك باعتبارِ الآخِذينَ عنه (١).

ومتى تُوبعَ السَّيِّئُ الحِفْظِ بمُعْتَبَرٍ (٢)، كأَنْ يكونَ فوقَه أو مِثلَه لا دُونَه، وكذا المُخْتَلِطُ الذي لم يتميَّزْ والمستورُ والإسناد المُرسَلُ وكذا المُدَلَّس إذا لم يُعْرَفْ المحذوفُ منه: صار حديثُهم حَسَنًا لا لِذَاتِهِ، بَلْ وَصْفُه بذلك باعتبار المجموع من المَتابعِ والمتابَعِ، لأنَّ كُلَّ واحدٍ منهم احتمالُ أن تكونَ روايتهُ صوابًا أو غيرَ صَوابٍ على حدٍّ سَوَاء، فإذا جاءتْ مِن المُعْتَبَرِين روايةٌ موافِقَةٌ لأحدهم رُجِّحَ أحدُ الجانبين من الاحتمالين


(١) فمَنْ عُرِفَ عنه أنه أَخذ عن المختلِطِ قَبْل اختلاطه قُبِلَ حديثُه عنه، وإن عُرِفَ أنه أَخذ عنه بعد اختلاطه لم يُقْبَلْ، وكذا إنْ وَقَعَ الشكُّ هل أَخذ عنه قَبْلَ اختلاطِه أو بعدَه لم يُقْبَل.
مِثالُ المختلِطِ عبدُ الرزاق بنُ همّام الصَّنْعانِي الإمامُ صاحبُ المصنَّف. قال أحمد: "مَنْ سَمِعَ منه بَعْدَما عَمِيَ فليس بشيء، وما كان في كُتُبه فهو صحيح. وما ليس في كتبه فإنه كان يُلَقَّن فَيَتَلَقَّن".
والضابطُ لِمَنْ سَمِع منه قَبْلَ الاختلاطِ أنْ يكونَ سَمَاعُه قَبْل المئتين. فَمِمَّنْ سَمِعَ منه قَبْلَ الاختلاطِ الأئمةُ: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهُوْيَه، وعلي بن المديني، ووَكِيع، ويحيى بن مَعِين.
وممَّنْ سَمِعَ منه بعدَ ذلك: إبراهيمُ بن منصور الرَّمَادِيّ، وإسحاق بن إبراهيمَ الدَّبَرى.
هذا وقد تنكَّبَ عن جادَّةِ الصواب بعضُ مَنْ نَصَبَ نفسَهُ للحديث إذ ضَعَّفَ حديثَ عبد الرزاق الذى في مصنَّفهِ (٤: ٢٦١ و ٢٦٢) في صلاة التراويح بأنَّ عبدَ الرزاق قد اختَلَطَ، لِيَسْلَمَ له دَعْواه عدمَ مشروعيةِ أدائها عِشرين ركعةً، فقد عَرفْتَ أنَّ كُتُبَه صحيحةٌ، وأنَّ التخليط أضرَّ بما سُمِع منه ممّا كان يُحَدِّثُ به من حِفْظِه. لكن الرَّجُلَ ضحَّى بهذا الجامعِ العظيم من جوامع الحديثِ النبويِّ في سبيل فكرتِه التي يُصِرُّ عليها.
(٢) أى بورود الحديث من طريقِ راوٍ مُعتَبرٍ، أى مرتبتُه "يعتبر به" في الجَرْح والتعديل. وهذا يشمَلُ مَنْ قِيل فيه: "صدوقٌ" إذا لم يَثْبُتْ ضَبْطُه فما دُونَه من مراتبِ التعديل والمرتبتين الأولى والثانية من مراتبِ الجَرْح، مثل: فيه لِينٌ، ضَعيف. فإذا ورد حديثه من طريق آخر مثله أو أقوى منه صار حسنًا، وهو الحسن لغيره. وانظر فيما سبق تعريفه للترمذى ص ٦٧.

<<  <   >  >>