للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهُمْ مع ذلك معدودونَ في الصَّحابةِ لِمَا نالوه من شَرَفِ الرُّؤية.

ثانيهما: يُعْرَفُ كَوْنُه صحابيًّا بالتواتر أو الاستفاضة أو الشُّهرة، أو بإخبار بعضِ الصحابة، أو بعضِ الثقاتِ التابعين، أو بإخباره عن نَفْسِه بأنه صحابيٌّ إذا كانتْ دَعْواهُ ذلك تدخُلُ تحتَ الإمكان (١). وقدِ اسْتَشْكَلَ هذا الأخيرَ جَماعةٌ مِنْ حيثُ إنَّ دَعْواهُ ذلك نظيرُ دَعْوى مَنْ قال: أَنا عَدْلٌ، ويحتاجُ إلى تأمُّل.

أو تنتهي غايةُ الإسناد إلى التابعى (٢).

وهو مَنْ لَقِيَ الصحابىّ كذلك. وهذا مُتَعلِّقٌ باللُّقِىِّ وما ذُكِرَ معَه، إلّا قَيْدَ الإيمانِ به فذلكَ خاصٌّ بالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (٣)، وهذا هو المُختارُ خِلافًا لِمَنِ اشترطَ في التابعي طُولَ المُلازَمة، أو صِحَّةَ السَّماعِ، أو التمييزَ.

وَبَقِيَ بين الصحابة والتابعينَ طبقةٌ أُخرى اخْتُلِفَ في إلحاقِهم بأيِّ القِسْمَيْن وهم: المُخَضْرَمون الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ولم يَرَوا النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

فَعَدَّهم ابنُ عبدِ البَرِّ في الصَّحابةِ، وادَّعى عِياضٌ وغيرُه أنَّ ابنَ عبد البَرِّ يقول: إنهم صحابةٌ، وفيه نَظَرٌ، لأنه أفصحَ في خُطْبَةِ كِتَابهِ بأنه إنما أَوْرَدَهُم لِيكونَ كتابُه جامعًا مُستوعِبًا لأهل القَرْنِ الأول، والصحيحُ أنهم مَعْدُودونَ في كِبارِ التابعينَ سَوَاءٌ عُرِفَ أنَّ الواحدَ منهم كانَ مُسلِمًا في زمنِ النبىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كالنَّجَاشِيِّ أَمْ لا، لكنْ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ النبىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليلةَ الإسراءِ كُشِفَ له عن جميع مَنْ في الأرض فرآهم فينبغي أنْ يُعَدَّ مَنْ كانَ مؤمنًا به


(١) أي المُدَّةِ المُمكِنَةِ لِوجُودِ الصحابةِ، وهي مئةُ عامٍ مِنْ بَعْدِ السَّنَةِ العاشِرة للهِجرة، كما ثَبتَ ذلك في الأحاديث.
(٢) ويُسَمَّى الحديثَ المقطوع، وهو ما نُسِبَ إلى التابعي.
(٣) أي يُشترَطُ في التابعىّ الشروطُ التي سبقَتْ في الصحابي، لكنْ لا يُشترَطُ كونُه مسلمًا عِند لِقائه للصحابي. بل يكفي إسلامُه بعد ذلك، أمّا الصحابي فيُشترَطُ أنْ يكونَ مسلمًا عِند لِقائه للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

<<  <   >  >>