وهذه التفاصيل في التفرقة بينهما ليست من مباحث علم المصطلح، إنما فرّعها الأصوليون كما أشار الحافظ. أما المُحدِّثون فقسَّموا الحديثَ بحسب تعدد رواتِه إلى الأقسام التي عرَفتها. وحكمُ الحديث المشهور يختلف بحسب استيفائه شروطَ القبول أو اختلالِها فيه، فينقسم إلى صحيح وحسن وضعيف. مثالُ المشهور الصحيح: حديثُ "لا يَمَسُّ القرآنَ إلا طاهرٌ" رُوِيَ من حديث عمرو بن حزم، وابن عمر، وحكيم بن حِزَام، وعثمان بن أبي العاص، وثوبان. انظر تخريجها في نصب الراية: ١: ١٩٦ - ١٩٩. وانظر كتابنا: إعلام الأنام ص ٢١٩ - ٢٢٠. ومثالُ المشهور وهو حسن: حديثُ: "لا ضَررَ ولا ضِرارَ" روي من أوجُه كثيرة يرتقي بها إلى الحسن أو الصِّحة، وحسَّنه النووي فى الأَربعين. ومثالُ المشهور وهو ضعيفٌ: حديثُ: "اطلُبوا العِلْمَ ولو بالصين". روي من عدة أوجه ولم يَخْلُ من قَدْح شديد. كما حققناه أول التعليق على كتاب الرحلة في طلب الحديث. (١) هذا بيان لتقسيم الحديث المشهور بحسَب البيئات التي يَشتهر فيها، وباعتبار ذلك ينقسم أقسامًا كثيرة: ١ - المشهور باصطلاح المُحدِّثين الذي حُرِّرَ هنا. ٢ - ما اشتَهر على الألسنة: فيشمل ما له إسنادٌ واحد فصاعدًا، بل يشمل ما لا يوجد له إسنادٌ أصلًا كما قال المصنف. ومن هذا القسم: المشهور على ألسنة العوام، والمشهور عند النحويين والمشهور عند الفقهاء، والمشهور عند الأدباء. ولما كانت الأحاديث المتداولَة على الألسنة ذاتَ أثر خطير في توجيه المجتمع فقد عُني العلماء بجمعها في مؤلَّفات، وأوسعُ هذه المؤلَّفات كتاب "كَشْفُ الخفاءِ ومُزيلُ الإلباس عمَّا اشتَهَرَ من الأحاديث على ألسنة الناس" لإسماعيل بن محمد العجلوني.