للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولِلخطيب فيه كتابُ "رافِع الارتياب". وقد يَقعُ القلبُ في المَتْن أيضًا كحديث أبي هريرةَ عند مُسلمٍ في السبعة الذين يُظِلُّهم اللهُ في عَرْشهِ فَفِيه: "ورجلٌ تَصَدَّقَ بصَدَقةٍ أخفاها حتى لا تَعْلَمَ يمينهُ ما تُنْفِقُ شِمالُه"، فهذا مما انْقَلبَ على أحدِ الرواةِ، وإنما هو: "حتى لا تَعلمَ شِمالُه ما تُنْفِقُ يمينهُ" كما في الصحيحَيْن (١).

أو إنْ كانتِ المُخالَفَةُ بزيادةِ راوٍ في أثناءِ الإسناد ومَنْ لم يزِدْها أتقنُ ممَّنْ زادَها فهذا هو المزيدُ في مُتَّصِل الأسانيد (٢).

وشَرْطُه أن يقعَ التصريحُ بالسماعِ في موضعِ الزيادةِ، وإلَّا فمتَى كان مُعَنْعَنًا مثلًا ترجَّحَتِ الزيادةُ.

أو كانتِ المُخالَفةُ بإبدالهِ أي الراوي ولا مُرَجِّحَ لإحدى الروايتين على الأخرى فهذا هو المُضْطرِبُ (٣).


(١) البخاري: ١: ١٢٩ ومسلم ٣: ٩٤ .. أخرج مسلم الرواية المقلوبة، ثم أخرج طريق الروايةِ السالمةِ ولم يذكر المتن. انظر التوسع في فتح الباري: ٢: ١٠٠ - ١٠١.
وكأنه لما ذكرنا لم يَعْزُ بعض العلماء الرواية السالمةَ من القلب إلى مسلم.
(٢) سبق تعريفهُ وإيضاحُه بالمثال (ص ٨٧) تعليقًا، فانظره.
(٣) المُضْطَرِب: هو الحديث الذي يُروى من قِبَل راوٍ واحد أو أكثر على أوْجُهٍ مختلفةٍ متساويةٍ، لا مُرَجِّحَ بينها، ولا يُمكِنُ الجمع.
والحديث المضطرب ضعيف، لأنَّ الاضطرابَ يُشعِرُ بعدم ضبط الحديث.
مثال المضطرب: حديث إسماعيل بن أُمَيَّة عن أبي عمرو بن محمد بن حُرَيْث عن جدِّه حُريث عن أبي هريرة عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سُترة المصلي: "إذا لم يَجِدْ عصًا ينصبُها بين يديه فَلْيَخُطَّ خطًّا".
رُوِي عن إسماعيل هكذا، ورُوِي عنه عن أبي عَمرو بن حُرَيث عن أبيه، ورُوي غير ذلك كثير مما يوجب اضطرابه. انظر الاستزادةَ في علوم الحديث: ٩٤ وتدريب الراوي: ١٧٠ - ١٧٢. ونكت ابن حجر: ٧٧٢، وما ذُكِرَ من دفع الاضطراب عنه غير كافٍ. والله أعلم.
ومثاله أيضًا حديث كفَّارة من أتى امرأته وهي حائض فهو مضطرب السند والمتن لكثرة الاختلاف فيه سندًا ومتنًا انظره في كتابنا إعلام الأنام ١: ٣٢٤.
والاضطراب في المَتْن قليل جدًّا، لِسَعَةِ أَوْجُه الجمع والترجيح بين المُتُون.

<<  <   >  >>