ثم أشار المصنِّف إلى أن هذا الترتيب في الأفضلية إجماليٌّ فقال: "إنما هو بالنظر إلى الحيثية المذكورة" وهي تخريج الحديث في الصحيحين أو أحدهما، أو أن يكونَ على شرطهما أو شرط أحدهما. . . وهذا التفضيلُ إجماليٌّ، أي إنَّ جملةَ أحاديثِ البخاري أصحُّ من جملة أحاديث مُسلمٍ وهكذا. . . ولا يلزَمُ من ذلك أنَّ كلَّ حديثٍ في البخاري أصحُّ من كلِّ حديث في مسلم، وقد عَرَضَ المصنِّفُ لذلك فيما يأتي فتنبَّه. (٢) الحَسَنُ لِذَاتِه: هو الحديثُ الذي اتصل سندُه بنقل عَدْلٍ خَفَّ ضبطُه ولم يكنْ شاذًّا ولا مُعَلَّلًا. فهو كالصحيح، لكنْ بفارق واحد وهو أنه خفَّ ضبطهُ، أي استوفى شرطَ الضبطِ المقبول في الحدِّ الأدنى. وقولهُ بعد ذلك: "لا لشيء خارج" تفسيرٌ للحَسَنِ لِذَاتِه، وقولُه: "وهو الذي يكون حُسْنُه بسبب الاعتضاد" تفسير لقوله: "لشيء خارج". فالحسن لشيء خارج هو الذي يكون حُسْنُه بسبب الاعتضاد أي التقوية، وهو الحَسَنُ لغيره. وضَربَ له مثالًا حديثَ المستور إذا تعدَّدَتْ طُرُقُه، والمستورُ هو الذي روى عنه ثِقَتانِ ولم يُعَدَّلْ ولم يُجْرَحْ.