للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّلَفِ الصالح، أو قدماءِ الحكماء، أو الإسرائيليات، أو يَأخُذُ حديثًا ضعيفَ الإسنادِ فيركِّبُ له إسنادًا صحيحًا لِيَرُوجَ.

والحامِلُ لِلواضِع على الوَضْعِ: إمّا عَدَمُ الدِّيْنِ كالزنادِقَة، أوْ غَلَبةُ الجهل كبعض المتعبِّدين، أو فَرْطُ العصبيَّةِ كبعض المُقَلِّدين، أو اتباعُ هوى بعض الرؤساء، أو الإغرابُ لِقَصْد الاشتهار.

وكلُّ ذلك حرامٌ بإجماعِ مَنْ يُعْتَدُّ به، إلا أنَّ بعضَ الكَرَّامية (١)، وبعضَ المُتصوِّفةِ نُقِلَ عنهم إباحةُ الوَضْعِ في الترغيب والترهيب، وهو خطأ من فاعِله نشأ عن جهلٍ، لأن الترغيبَ والترهيبَ من جُملةِ الأحكامِ الشرعية، واتفقوا على أنَّ تَعَمُّدَ الكَذِبِ على النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الكبائر، وبالَغ أبو محمد الجُويني (٢) فكفّر من تَعَمَّدَ الكَذِبَ على النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

واتفقوا على تحريم روايةِ الموضوع إلّا مقرونًا ببيانه لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ حَدَّثَ عني بحديثٍ يُرَى أنه كَذِبٌ فهو أحدُ الكاذبِيْن" (٣) أخرجه مسلم.

والقِسْمُ الثاني من أقسام المردود: وهو ما يكون بسبب تُهمَةِ الراوي بالكَذِبِ هو المتروكُ (٤).

والثالثُ: المُنْكَرُ على رأي من لا يشترِطُ في المُنْكَرِ قَيْدَ المُخَالَفَةِ وكذا


(١) بتشديد الراء نسبةً إلى محمد بن كَرَّام السِّجِسْتاني المُجَسِّم الذي يُشَبِّه اللهَ تعالى بخَلْقِه (ت ٢٥٥)، وكان يَضَعُ الحديثَ لِنُصْرةِ مذهبه، قاتَلَه اللهُ.
(٢) عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف أبو محمد الجُويني، والد إمام الحرمين، كان إمامًا في التفسير والفقه والأصول والعربية والزهد والورع، (ت ٤٣٨). له كتاب كبير في التفسير، والتبصرة والتذكرة في الفقه.
(٣) رُوي بفتح الباء على التثنية وبكسرها على الجمع. والحديث أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه ص ٧، والترمذي في العِلْم وصحّحه: ٥: ٣٦، وأخرجه ابن ماجه ١: ١٤ - ١٥ عن علي بن أبي طالب وعن المُغيرة بن شُعْبة وعن سَمُرَة بن جُنْدُب. وانظر فيض القدير: ٦: ١١٦.
(٤) المتروك: هو الحديث الذي يرويه من يُتَّهَمُ بالكذب ولا يُعرَفُ ذلك الحديثُ إلا من جِهَتِه، ويكونُ مخالِفًا للقواعد المعلومة.

<<  <   >  >>