للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المُرسَلِ والمُنقَطِعِ، وليس كذلك لِمَا حرّرناهُ، وقَلَّ مَنْ نَبّهَ على النُّكتَةِ في ذلك، واللهُ أعلم.

وخبرُ الآحادِ بنقلِ عدلٍ تامِّ الضبطِ، متصلَ السند، غيرَ مُعَلَّل ولا شاذٍّ هو الصحيحُ لِذَاتِه.

وهذا أولُ تقسيمِ المقبول إلى أربعةِ أنواعٍ، لأنه إمّا أنْ يشتملَ من صفاتِ القبولِ على أعلاها أَوْ لا (١).

الأول: الصحيحُ لِذَاته.

والثاني: إنْ وُجِدَ ما يَجْبُرُ ذلك القُصور ككثرة الطُّرُقِ (٢)، فهو الصحيح أيضًا لكنْ لا لِذَاتهِ، وحيثُ لا جُبْرَانَ فهو الحسنُ لِذَاتهِ، وإنْ قامتْ قرينةٌ تُرَجِّحُ جانبَ قَبولِ ما يُتَوقَّفُ فيه فهو الحسنُ أيضًا لا لِذَاته. وقُدِّمَ الكلامُ على الصحيح لِذَاته لعلُوِّ رُتْبَتِهِ.

والمرادُ بالعَدْلِ: مَنْ له مَلَكَةٌ تَحْمِلُه على مُلازَمة التقوى والمروءة. والمراد بالتقوى: اجتنابُ الأعمالِ السيئة من شِرْكٍ أو فِسْقٍ أو بِدْعَةٍ.

والضَّبْطُ (٣):

- ضبطُ صَدرٍ: وهو أن يُثبتَ ما سَمِعَه بحيثُ يتمكَّنُ من استحضارِهِ متى شاء.


(١) قوله: "أوْ لا": أي أوْ لا يشتمل الخبرُ على أعلى شُروطِ القَبولِ، ويتَحقَّقُ ذلك في الأحوال الآتية:
أن توجدَ شروطُ القبول في الحد الأدنى في الخبر، وهو الحسن.
أن يَتقوى هذا بطريق آخر مثله أو أقوى منه، فيصير صحيحًا لغيره.
أن يكون فاقدًا بعضَ شروطِ القبول، بحيث يكون ضعيفًا ضعفًا غيرَ شديد، ثم يتقوى من طريق آخر مثله أو أقوى منه فيصبح حسنًا لغيره.
(٢) وكذا إذا تقوّى بتلقي العلماءِ له بالقَبولِ، كما ذكر الشافعي في المُرسَل. وسيأتى ص ٨٣.
(٣) الضبط: مَلَكَةٌ تؤهِّل الراوي لأنْ يرويَ الحديثَ كما سَمِعَه.

<<  <   >  >>