للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البزار (١) والمعجم الأوسط للطبراني (٢) أمثلةٌ كثيرةٌ لذلك.

والثاني: الفَرْدُ النِّسبِيُّ (٣):

سُمِّيَ بذلك لكونِ التفرُّدِ فيه حَصَلَ بالنسبة إلى شخصٍ مُعيَّنٍ، وإنْ كان الحديثُ في نَفْسه مشهورًا، ويَقِلُّ إطلاقُ الفردِيَّةِ عليه، لأنَّ الغريبَ والفَرْدَ مترادِفانِ لغةً واصطلاحًا، إلّا أنَّ أهلَ الاصطلاح غايروا بينهما من حيثُ كَثْرَةُ الاستعمالِ وقِلَّتُه، فالفردُ أكثرُ ما يُطلِقونه على الفرد المُطْلَقِ، والغريبُ أكثرُ ما يُطلِقونه على الفرد النِّسْبِيّ، وهذا من حيثُ إطلاقُ الاسمِ عليهما، وأمّا مِن حيثُ استعمالُهم الفعلَ المشتقَّ فلا يُفَرِّقُونَ، فيقولون في المُطْلَقِ والنِّسبِيّ: تفرَّدَ به فلانٌ، أو أغربَ به فلانٌ.

وقريبٌ مِنْ هذا اختلافُهم في المُنقطِعِ والمُرسَل هل هما متغايران أو لا؟ فأكثرُ المُحَدِّثين على التغايُرِ (٤) لكنّه عندَ إطلاقِ الاسمِ، وأمّا عندَ استعمالِ الفعلِ المشتقِّ فيستعملون الإرْسالَ فقط، فيقولون: "أرسلَه فلانٌ"، سَواءٌ كان ذلك مُرسَلًا أَمْ مُنْقَطِعًا، ومن ثَمَّ أطلق غيرُ واحدٍ ممَّنْ لم يلاحظْ مواقعَ استعمالِهم على كثيرٍ من المُحَدِّثين أنَّهم لا يُغايرون بين


(١) أحمد بن عَمرو بن عبد الخالق البصري، أبو بكر البزار، حافظ ثقة، رَحَلَ وحدَّثَ من حِفْظِه، فوقع له وَهَمٌ. (ت ٢٩٢). له مسندان: كبير، وصغير.
(٢) سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني نسبةً إلى طبرية. ولد (٢٦٠)، ورحل إلى البلاد، كان حافظَ عصرِه (ت ٣٦٠). له المعاجمُ الثلاثةُ: الكبيرُ، والأوسطُ، والصغيرُ، مطبوعةٌ. والمعاجم: كتبُ حديث مرتبةٌ على أسماء الرواة حسبَ حروف المعجم، لكن الكبير مرتب على أسماء الصحابة.
(٣) ويُسمَّى: الغريبَ سندًا لا مَتْنًا. وهو الحديث الذي اشتهر بوروده من عدةِ طُرُق عن راوٍ أو رواة، ثم تفرد به راوٍ فرواه من وجه آخر غيرِ الراوي أو الرواة الذين اشتهر عنهم الحديث.
ويقول فيه الترمذي: "غريبٌ من هذا الوجه".
(٤) فيُطْلِقون المُرسَلَ على الحديث الذي رواه التابعي عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يَذْكُرِ الواسِطَةَ، والمنْقَطِعَ على ما سَقَط منه راوٍ أو أكثرُ قَبْل الصحابي. أمّا إذا قالوا: أرسله فلان فيصلُحُ للأمرين كما أوضحه المصنِّف.

<<  <   >  >>