الحمدُ لله ربِّ العالمين، اختَصَّ مَنْ شاءَ مِنْ عباده بما شاءَ مِنْ فَضْله العظيم. وأفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليم، على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومَنْ تَبِعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين.
أمَّا بَعْدُ:
فإنّ هذا الكتابَ شَرْحَ النُّخْبَةِ:"نُزْهَة النَّظَرِ في توضيحِ نُخْبَةِ الفِكَر" للإمام الحافظِ أبي الفَضْل ابنِ حجر، أميرِ المؤمنين في الحديثِ، كتابٌ جليلٌ، قدِ احتلَّ مكانةَ الأساسِ في فَنِّ أصولِ الحديث، لِمَا امتازَ به من إيجازِ ألفاظهِ، وغَزَارةِ فوائدهِ، ودِقَّةِ تحقيقاتِه، ولطريقةِ عَرْضِه التي بُنِيَتْ على التقسيم الدقيق، والتي تمتازُ بأنَّها تُقَدِّمُ صيغةً مُتميِّزةً وتَصَوُّرًا فريدًا لهذا العِلْمِ: عِلْمِ المُصْطلَح، ليس في غيرهِ مِنْ كُتُبِ هذا الفَنِّ، حتى صارَ الكتابُ بهذه المزايا كتابَ الخاصِّ والعامِّ مِنْ رَاغِبِي عِلْمِ الحديث، وحَثَّ العُلماءُ على دِرَاسَتِه، وحَضُّوا على استِحْفَاظِه.
لكنَّ هذا الكتابَ لم يُطْبَعْ حتى الآنَ مُحقَّقًا على مخطوطٍ مُعْتَمَدٍ يُوْثَقُ به، فَضْلًا عن كَثْرةِ الأخطاء التي قد تُخِلُّ بالمعنى، أو تُوَعِّر سبيلَه، إضافةً إلى إغفالِ المطبوعاتِ مِنْ ضَبْطِ ما يُشْكِلُ، وخُلُوِّ تعليقاتِ مَنْ عَلَّقَ عليه مِنْ إيضاحِ ما يَغْمُضُ، بل قد وَقَعَ في تعليقِ مَنْ عَلَّقَ عليه الخَلْطُ في مسائلِ عِلْمِ المصطلَحِ، والغَلَطُ في تراجمِ الأعلامِ، وفي تخريج الأحاديثِ .. ؟!.