للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأنبياء. لكنْ هل يُخرِجُ مَنْ لَقِيَه مؤمنًا بأنه سَيُبْعَثُ ولم يُدركِ البِعثةَ؟ فيه نَظَرٌ (١).

وقولي: "وماتَ على الإسلام"، فَصْلٌ ثالثٌ يُخْرِجُ مَنِ ارتدَّ بعد أنْ لَقِيَه مؤمنًا وماتَ على الرِّدَّة كعُبَيد الله بن جَحْشٍ وابنِ خَطَل.

وقولي: "ولو تَخَلَّلتْ رِدَّةٌ"، أي بَيْنَ لُقِيِّه له مؤمِنًا به وبينَ مَوتِه على الإسلام، فإنَّ اسمَ الصُّحْبَةِ باقٍ له سَوَاءٌ رَجَعَ إلى الإسلام في حياته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمْ بعدَه، سَوَاءٌ لَقِيَهُ ثانيًا أَمْ لا.

وقَوْلي: "في الأصحِّ" إشارةٌ إلى الخِلافِ في المسألة، ويَدُلُّ على رُجْحَانِ الأوَّلِ قِصَّةُ الأشْعثِ بن قيس فإنه كان ممّنِ ارتدَّ، وأُتيَ به إلى أبي بكرٍ الصديق أسيرًا فعادَ إلى الإسلام فقَبِلَ منه وزَوَّجَه أُختَه، ولم يَتَخَلَّفْ أحدٌ عن ذِكرِهِ في الصحابة ولا عَنْ تخريج أحاديثهِ في المسانيد وغيرِها (٢).

تنبيهان:

لا خَفَاءَ برُجْحَانِ رُتْبَةِ مَنْ لازَمَهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقَاتَلَ معه أو قُتِلَ تحتَ رايتهِ على مَنْ لم يُلازِمْه أو لم يَحْضُرْ معه مَشْهدًا وعلى مَنْ كلَّمَه يسيرًا أو ماشَاهُ قليلًا أو رآه على بُعْدٍ أو في حالِ الطُّفولية (٣)، وإن كان شَرَفُ الصُّحْبَةِ حاصِلًا للجميع. ومَنْ ليس له منهم سماعٌ منه فحديثُهُ مُرْسَل مِنْ حيثُ الرِّواية،


(١) هذا ليس صحابيًّا، لأنه لا ينطبق عليه تعريفُ الصحابي.
(٢) هذا عند الشافعية، وعند الحنَفِيَّة والمالِكِيَّة تَسْقُطُ صُحْبَتُه إلّا إذا عاد إلى الإسلام ورأى النبى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثانية بَعْدَ إسلامه.
والمسألةُ فرْعٌ على الخِلاف في الرِّدَّةِ هل تُحْبِطُ العملَ بمجرَّدِ حُصُولها أو تُحْبِطُهُ إذا استمرَّ صاحبُها عليها إلى الموت. الحنفية والمالكية على أنها تُحبط العمل بمجرد حصولها، عياذًا بالله تعالى.
وقد يقال في الأشْعَث: إنّ تخريجَ حديثهِ لكَوْنِه مُتَّصِلَ السنَدِ، ولو لم يُعْتَبرْ صحابيًّا اصطلاحًا.
(٣) بشرط أنْ يكونَ مُميِّزًا.

<<  <   >  >>