للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَيَعْظُمُ الأجرُ، فذلك ترجيحٌ بأمرٍ أجنبي عمّا يَتعلَّقُ بالتصحيح والتضعيف (١).

وفيه أي العُلُوِّ النِّسبِيِّ المُوافَقَةُ: وهي الوصولُ إلى شيخِ أحدِ المُصَنِّفينَ مِنْ غَيْرِ طريقهِ أي الطريقِ التي تَصِلُ إلى ذلك المُصَنِّفِ المُعَيَّنِ.

مِثَالُهُ: روى البخاريُّ عن قُتَيْبَةَ (٢) عن مالِكٍ حديثًا، فَلَوْ رَوَيْنَاهُ مِنْ طريقِهِ كان بَيْنَنَا وبَيْنَ قُتَيْبَةَ ثمانيةٌ، ولَوْ رَوَيْنَا ذلك الحديثَ بِعَيْنِهِ مِنْ طريقِ أبي العبَّاسِ السَّرَّاجِ (٣) عن قُتَيْبَةَ مَثَلًا لَكان بيننا وبين قُتَيْبَةَ فيه سَبْعَةٌ، فقَدْ حَصَلَ لنا المُوافقَةُ مع البخاري في شيخه بعَيْنِه مع عُلُوِّ الإسناد إليه.

وفيه أيْ العُلُوِّ النِّسبِيِّ البَدَلُ: وهو الوُصُولُ إلى شَيْخِ شَيْخِهِ كذلك، كأنْ يقَعَ لنا ذلكَ الإسنادُ بعَيْنهِ من طريقٍ أُخرى إلى القَعْنَبِيّ عن مالِكٍ، فيكونَ القَعْنَبِيُّ بدلًا فيه مِنْ قُتَيبةَ، وأَكْثَرُ ما يعتَبرونَ الموافقةَ والبَدَل إذا قارَنَا العُلُوَّ، وإلَّا فَاسْمُ المُوافقةِ والبَدَلِ واقِعٌ بِدُونهِ.

وفيه أي العُلُوِّ النِّسْبِيِّ المُسَاوَاةُ: وهي استواءُ عددِ الإسنادِ مِنَ الرَّاوي إلى آخرِهِ أي الإسنادِ مع إسنادِ أَحَدِ المُصَنِّفيْن. كأَنْ يَرْوِيَ النَّسَائِيُّ مَثَلًا حديثًا يقعُ بينَه وبينَ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيه أَحَدَ عَشَرَ نَفْسًا، فيقَعَ لنا ذلكَ الحديثُ بعَيْنِه بإسنادٍ آخَرَ إلى النبىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقعُ بيننا وبينَ النبىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَدَ عَشَرَ نَفْسًا، فنُسَاوِيَ النَّسائِيَّ مِنْ حَيْثُ العَدَدُ مع قَطْعِ النَّظَرِ عن مُلاحَظَةِ ذلك الإسنادِ الخاصِّ.

وفيه أيّ العُلُوِّ النِّسْبِيِّ أيضًا المُصَافَحَةُ: وهي الاستواءُ مع تلميذِ ذلك


(١) أي فلا قيمةَ له. ونقول: إنَّ العُرْفَ العِلْميَّ دَرَجَ على أنه كُلَّما أَمْكَنَ الرُّجوعُ إلى مَرْجِعٍ أَقْدَمَ كان أَوْلَى وأَقْوى. فالمُحَدِّثُونَ هُمُ الأصلُ في هذا العُرْفِ.
(٢) قُتَيبةُ بنُ سعيد ثِقَةٌ ثَبْتٌ (ت ٢٤٠). روى له الستة.
(٣) محمد بن إسحاقَ بن إبراهيم السَّرَّاجُ، شيخُ خُرَاسانَ، ثِقَةٌ حافِظٌ وُلد (٢١٦)، (ت ٣١٣). روى عنه البخاري ومسلم في غير الصحيحين، وغيرُهما، وهو في عداد طلبة البخارى، انظر ص ١٢٠.

<<  <   >  >>