زُبْدَةِ التحقيقِ فيها، وذلك كثيرٌ في هذا الكتاب على إيجازه واختصاره.
٥ - تحاشي المآخِذ التي وردَتْ على المؤلِّفين السابقين، بأنهم لم يتَّبعوا نظامًا مُعَيَّنًا في تصنيفِ كُتُبِهم وترتيبِ أنواع الحديثِ فيها. فجاءَ هذا الكتابُ بطريقةِ السَّبْرِ والتقسيمِ لِيلتزِمَ نظامًا دقيقًا، يستوعبُ كُلَّ مجموعةٍ من علوم الحديث في ظِلِّ قِسْمٍ واحدٍ يَجْمعُها في موضعٍ واحد.
أهميةُ شرحِ النُّخْبَةِ:
بهذه المزايا التي تميَّزَ بها شرحُ النُّخْبَةِ للحافظ ابنِ حَجَرٍ كان له مكانةٌ كبيرةٌ عالية في عِلْمِ الحديث، جعلَتْه مَطْمَحَ أنظارِ طَلَبةِ الحديث، وعُلَمائِه والمُصَنِّفين فيه، ونُلَخِّصُ أبرزَ جوانبِ ذلك فيما يأتي:
١ - الأَثَرُ الواضِحُ الذي خلَّفَه في مصطلحاتِ الحديث، فما اختارَه في هذه المصطلحاتِ جرى عليه العملُ، واستقرَّ عليه المُحَدِّثون بعدَه، مِثْلُ اختيارِه في الشاذِّ والمُنْكَر (ص ٧١ و ٧٢)، ومِثْلُ تَمييزِهِ أنواعَ الحديثِ المقبولِ بهذه الإضافاتِ: الصحيحِ لِذَاتِه (ص ٥٨)، الصحيح لِغَيْرهِ (ص ٥٨ و ٦٦)، الحَسَنِ لِذَاتِه (ص ٥٨ و ٦٥)، الحَسَنِ لِغَيْرِهِ (ص ٥٨ و ٦٧ و ١٠٥).
فكانَ له أَثَرٌ في تحديد الاصطلاحاتِ واستقرارِها، ولم يكن ذلك إلّا لأفذاذٍ من المتقدِّمين الكبار.
٢ - إنَّ شرحَ النُّخْبَةِ له أهميةٌ عِلْمِيةٌ بالِغَةٌ من حيثُ إنه خُلاصَةُ الفِكرِ النقدي لأَعظمِ مُحدِّث في زمنه، وقد لَقَّبوه "أمير المؤمنين في الحديث". وأنّه يضُمُّ زُبْدَةَ تحقيقاتِ هذا الإمامِ في مسائلِ عُلومِ الحديثِ، لذلك نجدُ مسائلَ كثيرةً من بُحوثه مُتَناقَلةً في المراجِعِ العلميّة. ومُعْتَمَدًا عليها.
٣ - شَحْذُه لِذِهْنِ دارِسِه، بسببِ إيجازهِ وغزارة مادته العلمية، ثُمّ اتّباعِه طريقةَ السَّبْرِ والتقسيم، التي تقومُ على بحثِ العقل في احتمالاتِ الأحوال المُمكنة للشيء المدروس، والقِسْمِ الذي تُفَرَّعُ فُروعُه.