للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتُعُقِّبَ بأنه لا يَلزمُ من كونهم سكتوا عنه أن يكونوا سمعوه من غيره، وبأنّ هذا لو سُلِّمَ في عمرَ مُنِعَ في تفرد علقمةَ ثمَّ تَفَرُّدِ محمدِ بن إبراهيمَ به عن علقمةَ ثم تفرد يحيى بن سعيد به عن محمدٍ، على ما هو الصحيح المعروف عند المُحدِّثين، وقد وردتْ لهم متابعاتٌ (١) لا يُعتَبرُ بها، وكذا لا يَسْلَمُ جوابُه في غير حديث عمر (٢).

قال ابن رُشَيْد (٣): ولقد كان يكفي القاضيَ في بُطلان ما ادّعى أنه شَرْطُ البخاري أولُ حديثٍ مذكورٍ فيه.

وادّعى ابن حِبّان (٤) نقيضَ دعواه، فقال: إنّ روايةَ اثنين عن اثنين إلى أن ينتهي لا توجد أصلًا.

قلت: إنْ أراد أنّ روايةَ اثنين فقط عن اثنين فقط لا توجد أصلًا فيمكن


(١) المتابعة: هي أن يرويَ حديثَ الراوي رجلٌ غيره من طريق الراوي الأول. وستأتي ص ٧٣ - ٧٤.
(٢) حديث "إنما الأعمال بالنيات. . ." أخرجه البخاري في مطلع صحيحه ومسلم في الإمارة: ٦: ٤٨، وإسنادهُ صحيح لِذَاته.
علقمة بن وقّاص الليثي ثقة ثَبْت، روى له الستةُ، ومحمد بن إبراهيم هو التيمي ثقةٌ أيضًا، وروى له الستةُ ويحيى بن سعيد الأنصاري ثقة.
(٣) محمد بن عمر بن محمد أبو عبد الله ابن رُشَيْد، ولد (٦٥٧) بسَبْتَة وطلب العلم واستقر بِغَرْناطة فنشر العِلْمَ بها. كان فريدَ دهره عدالةً وجلالةً وحفظًا وأدبًا وسَمْتًا وهَدْيًا، رحل في البلاد، وفاق أقرانَه في علوم عصره، وعلومِ الحديث وصناعته. (ت ٧٢١). له مؤلفاتٌ كثيرة.
وقوله: "أولُ حديث مذكورٍ فيه": هو "إنّما الأعمالُ بالنيات" كما عرَفْتَ.
(٤) محمد بن حِبّان بن أحمد البستي، أبو حاتِم، الإمام العلامة الحافظ المجود شيخ خراسان ولد (٢٧٠)، وكان من فقهاء الدين وحُفّاظ الحديث والآثار، عالمًا بالطب، وبالنجوم، وبعلوم زمانه كلِّها، وكان مصدرَ الفقه في سَمَرْقَنْدَ. زاد عددُ شيوخه على الألفين، أنكر قولَ المُشَبِّهة بإثبات الحدِّ لله تعالى، فأخرجوه من بلده. فقال العلماء: كان هؤلاء أولى بالإخراج. (ت ٣٥٤): له كتب كثيرة أشهرها: كتابه المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع، وهو مرتب على طريقة فريدة (ط). والثقات (ط) والضعفاء (ط).

<<  <   >  >>