للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاعتناءُ بتمييز أحدِ القِسْمين من الآخر لمصلحةٍ اقتضَتْ ذلك، وهي ترتيبُها على الأشدِّ فالأشدِّ في مُوجِبِ الرَّدِّ على سبيل التَّدَلِّي، لأنَّ الطعنَ إمّا أنْ يكونَ:

- لِكَذِبِ الراوي في الحديث النبوي: بأنْ يرويَ عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما لم يَقُلْه مُتعمِّدًا لذلك.

- أو تُهْمَتِه بذلك: بألَّا يُرْوَى ذلك الحديثُ إلّا مِنْ جهتهِ ويكونَ مُخالِفًا للقواعدِ المعلومة، وكذا مَن عُرِفَ بالكذب في كلامه وإنْ لم يظهرْ منه وقوعُ ذلك في الحديث النبوي، وهذا دونَ الأول.

- أو فُحْشِ غَلَطِه: أيْ كَثْرَتهِ.

- أو غَفْلته عن الإتقان.

- أو فِسْقِهِ: أي بالفِعْل والقول (١) ممّا لم يَبْلُغِ الكُفْرَ، وبينَه وبينَ الأول عمومٌ، وإنما أُفْرِدَ الأولُ (٢) لِكَوْنِ القَدْحِ به أَشَدَّ في هذا الفَنِّ، وأمّا الفِسْقُ بالمُعْتَقَدِ فسيأتي بيانهُ.

- أو وَهَمِهِ: بأنْ يرويَ على سبيل التوهُّم.

- أو مُخَالفَتِه: أي للثقات.

- أو جَهَالَتهِ: بألَّا يُعْرَفَ فيه تعديلٌ ولا تجريح معيَّن.

- أو بدعته: وهي اعتقادُ ما أُحدث على خِلافِ المعروف عن النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا بمعاندةٍ بل بِنَوعِ شُبْهَةٍ (٣).


(١) كذا في أصلنا، وفي غيره "أو القول"، وهو أنسب بالمعنى المراد.
(٢) أي أَفرد الكَذِب عن الفِسْق وجَعَلَه أولَ أسباب الطعن. لكونه أشدَّ قَدْحًا.
وقولُه "أمَّا الفِسْقُ بالمُعتقَد. . ." جوابٌ لسؤال محذوفٍ تقديره: فإن قيل لماذا لم تُدْخِلْ فيه فِسقَ المعْتَقد وهو الخطأ الاعتقادي الذي لا يكفر صاحبه؟ فأجاب فقال: سيأتي بيانُه أي قبل الأخير وهو الطعن بالبدعة. ص ١٠٢.
(٣) أي دليلٍ قد يحسِبُه المُبتدِعُ قويًّا أو صحيحًا وهو ليس كذلك، كقول المُعتزِلة: "يجب على الله فِعْلُ الأصلح" خَلَطوا بين كونه رؤوفًا رحيمًا بخَلْقه وبين الوُجوب.

<<  <   >  >>