للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَرَى أَثْرَهُ فِي صَفْحَتَيْهِ، كأَنَّهُ ... مَدارِجُ شِبْثانٍ، لَهُنَّ هَمِيمُ

يُرِيدُ بأَثْرِهِ فِرِنْدَهُ الَّذِي تَرَاهُ الْعَيْنُ، كأَنه أَرجل النَّمْلِ. وشِبْثانٌ: جَمْعُ شَبَثٍ لِدَابَّةٍ كَثِيرَةِ الأَرجل مِنْ أَحناش الأَرض. وأَما هَذَا الَّذِي يُسَمَّى الشِّبِثَّ، وَهُوَ مَا تُطيَّب بِهِ الْقُدُورُ مِنَ النَّبَاتِ الْمَعْرُوفِ، فَقَالَ الشَّيْخُ أَبو مَنْصُورٍ مَوْهُوبُ بْنُ أَحمد بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَضِرِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الجُواليقي: والشِّبِثُّ عَلَى مِثَالِ الطِّمِرِّ، وَهُوَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ لَا غَيْرَ. والهَمِيم: الدَّبِيبُ. وَقَوْلُهُمْ: خَلِّ دَرَجَ الضَّبِّ أَي طَرِيقَهُ لِئَلَّا يَسْلُك بَيْنَ قَدَمَيْكَ فَتَنْتَفِخَ. ودَرَّجَه إِلى كَذَا واسْتَدْرَجه، بِمَعْنًى، أَي أَدناه مِنْهُ عَلَى التَّدْرِيجِ، فتَدَرَّجَ هُوَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ*

؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ سنأْخُذُهم قَلِيلًا قَلِيلًا وَلَا نُباغِتُهم؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ سنأْخذهم مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ؛ وَذَلِكَ أَن اللَّهَ تَعَالَى يَفْتَحُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّعِيمِ مَا يَغْتَبِطُونَ بِهِ فَيَرْكَنُونَ إِليه ويأْنسون بِهِ فَلَا يَذْكُرُونَ الْمَوْتَ، فيأْخذهم عَلَى غِرَّتِهم أَغْفَلَ مَا كَانُوا. وَلِهَذَا قَالَ

عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا حُمِلَ إِليه كُنُوزُ كِسْرَى: اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ أَن أَكونَ مُسْتَدْرَجاً، فإِني أَسمعك تَقُولُ: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ*.

وَرُوِيَ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ: امْتَنَعَ فُلَانٌ مِنْ كَذَا وَكَذَا حَتَّى أَتاه فُلَانٌ فاسْتَدْرجه أَي خَدَعَهُ حَتَّى حَمَلَهُ عَلَى أَن دَرَجَ فِي ذَلِكَ. أَبو سَعِيدٍ: اسْتَدْرجَه كَلَامِي أَي أَقلقه حَتَّى تَرَكَهُ يَدْرُجُ عَلَى الأَرض؛ قَالَ الأَعشى:

لَيَسْتَدْرِجَنْكَ القَوْلُ حَتَّى تَهُزَّه، ... وتَعْلَمَ أَني مِنكُمُ غَيرُ مُلْجَمِ

والدَّرُوجُ مِنَ الرِّيَاحِ: السَّرِيعَةُ المَرِّ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَدْرُجُ أَي تَمُرُّ مَرّاً لَيْسَ بالقَويّ وَلَا الشَّدِيدَ. يُقَالُ: رِيحٌ دَروجٌ، وقِدْحٌ دَرُوجٌ. وَالرِّيحُ إِذا عَصَفَتِ اسْتَدْرَجَتِ الحَصى أَي صَيَّرَتْهُ إِلى أَن يَدْرُجَ عَلَى وَجْهِ الأَرض مِن غَيْرِ أَن تَرْفَعَهُ إِلى الْهَوَاءِ، فَيُقَالُ: دَرَجَتْ بِالْحَصَى واسْتَدْرَجَتِ الحَصى. أَمَّا دَرَجَتْ بِهِ فَجَرَتْ عَلَيْهِ جَرْيًا شَدِيدًا دَرَجَتْ فِي سَيْرِهَا، وأَمَّا اسْتَدْرَجَتْهُ فَصَيَّرَتْهُ بِجَرْيِهِ عَلَيْهَا «٢» إِلى أَنْ دَرَجَ الحَصى هُوَ بِنَفْسِهِ. وَيُقَالُ: ذَهَبَ دَمُهُ أَدْراجَ الرِّياحِ أَي هَدَراً. ودَرَجَتِ الرِّيحُ: تَرَكَتْ نَمانِمَ فِي الرَّمْلِ. وَرِيحٌ دَرُوجٌ: يَدْرُجُ مؤَخرها حَتَّى يُرى لَهَا مِثْلُ ذَيْلِ الرَّسَنِ فِي الرَّمْلِ، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الدَّرَجُ. وَيُقَالُ: اسْتَدْرَجَتِ المحاوِرُ المَحالَ؛ كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: صَرِيفُ المَحالِ اسْتَدْرَجَتْها المَحاوِرُ أَي صَيَّرَتْهَا إِلى أَن تَدْرُجَ. وَيُقَالُ: اسْتَدْرَجَتِ الناقةُ وَلَدَهَا إِذا استتبعته بعد ما تُلْقِيهِ مِنْ بَطْنِهَا. وَيُقَالُ: دَرِجَ إِذا صَعِدَ فِي الْمَرَاتِبِ، ودَرِجَ إِذا لَزِمَ المَحَجَّةَ مِنَ الدِّينِ وَالْكَلَامِ، كُلُّهُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مِنْ فَعِلَ. ودَرَجَ ودَرِج الرَّجُلُ: مَاتَ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا مَاتُوا وَلَمْ يُخَلِّفوا عَقِباً: قَدْ دَرِجوا ودَرَجُوا. وَقَبِيلَةٌ دارِجَةٌ إِذا انْقَرَضَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا عَقِبٌ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ للأَخطل:

قَبِيلَةٌ بِشِراكِ النَّعْلِ دارِجَةٌ، ... إِنْ يَهْبِطُوا العَفْوَ لَا يُوجَدْ لهُم أَثَرُ

وكأَن أَصل هَذَا مِنْ دَرَجْتُ الثَّوْبَ إِذا طَوَيْتَهُ، كأَنَّ هَؤُلَاءِ لَمَّا مَاتُوا وَلَمْ يُخَلِّفُوا عَقِباً طَوَوْا طَرِيقَ النَّسْلِ وَالْبَقَاءِ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا انقرضوا: دَرِجُوا.


(٢). قوله [بجريه عليها] كذا بالأَصل ولعل الأَولى بجريها عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>