للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَارُوا الليلَ كُلَّهُ، فَهُمْ مُدْلِجُونَ. وادَّلَجُوا إِذا سَارُوا فِي آخِرِ اللَّيْلِ، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ؛ وأَنشد:

إِنَّ لَنا لَسَائِقاً خَدَلَّجا، ... لمْ يُدْلِجِ اللَّيْلَةَ فِيمَنْ أَدْلَجا

وَيُقَالُ: خَرَجْنَا بِدُلْجَةٍ ودَلْجَةٍ إِذا خَرَجُوا فِي آخِرِ اللَّيْلِ. الْجَوْهَرِيُّ: أَدْلَجَ القَوم إِذا سَارُوا مِنْ أَول اللَّيْلِ، وَالِاسْمُ الدَّلَجُ، بِالتَّحْرِيكِ. والدُّلْجَةُ والدَّلْجَةُ أَيضاً، مِثْلُ بُرْهَةٍ مِنَ الدَّهْرِ وبَرْهَةٍ، فإِن سَارُوا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَقَدِ ادَّلَجُوا، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ، وَالِاسْمُ الدَّلْجَةُ والدُّلْجَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

عَلَيْكُمْ بالدُّلْجَةِ

؛ قَالَ: هُوَ سَيْرُ اللَّيْلِ، وَمِنْهُمْ مَن يَجْعَلُ الإِدْلاجَ لِلَّيْلِ كُلِّهِ، قَالَ: وكأَنه الْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لأَنه عقبَه بِقَوْلِهِ: فإِن الأَرض تُطْوَى بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَوله وَآخِرِهِ؛ وأَنشدوا لِعَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ:

إِصْبِرْ عَلَى السَّيْرِ والإِدْلاجِ فِي السَّحَرِ، ... وَفِي الرَّواحِ عَلَى الحاجاتِ والبُكَرِ

فَجَعَلَ الإِدلاج فِي السَّحَرِ؛ وَكَانَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ يُخَطِّئُ الشَّمَّاخَ فِي قَوْلِهِ:

وتَشْكُو بِعَيْنٍ مَا أَكَلَّ رِكابَها، ... وقِيلَ المُنادِي: أَصْبَحَ الْقَوْمُ، أَدْلِجي

وَيَقُولُ: كَيْفَ يَكُونُ الإِدْلاج مَعَ الصُّبْحِ؟ وَذَلِكَ وَهْمٌ، إِنما أَراد الشَّمَّاخُ تَشْنِيعَ المُنادي عَلَى النُّوّام، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: أَصبحتم كَمْ تَنَامُونَ، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ قُتَيْبَةَ، وَالتَّفْرِقَةُ الأُولى بَيْنَ أَدْلَجْتُ وادَّلَجْتُ قَوْلُ جَمِيعِ أَهل اللُّغَةِ إِلَّا الْفَارِسِيَّ، فإِنه حَكَى أَن أَدْلَجْتُ وادَّلَجْتُ لُغَتَانِ فِي المعنيَين جَمِيعًا، وإِلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يُذْهَبَ فِي قَوْلِ الشَّمَّاخِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِنما أَراد أَن الْمُنَادِيَ كَانَ يُنَادِي مَرَّةً: أَصْبَحَ القومُ، كَمَا يُقَالُ أَصبحتم كَمْ تَنَامُونَ، وَمَرَّةً يُنَادِي: أَدْلِجي أَي سِيرِي لَيْلًا. والدَّلِيج: الِاسْمُ؛ قَالَ مَلِيحٌ:

بِهِ صُوًى تَهْدِي دَلِيجَ الواسِقِ

والمُدْلِجُ: القُنْفُذُ لأَنه يُدْلِجُ لَيْلَتَهُ جمعاءَ؛ كَمَا قَالَ:

فَباتَ يُقاسِي لَيْلَ أَنْقَدَ دائِباً، ... ويَحْذَرُ بالقُفِّ اخْتلافَ العُجاهِنِ

وَسُمِّيَ الْقُنْفُذُ مُدْلِجاً لأَنه لَا يَهْدَأُ بِاللَّيْلِ سَعْياً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

قَوْمٌ، إِذا دَمَسَ الظَّلامُ عليهمُ، ... حَدَجُوا قَنافِذَ بالنَّمِيمةِ تَمْزَعُ

ودَلَجَ السَّاقي يَدْلِجُ ويَدْلُجُ، بِالضَّمِّ، دُلُوجاً: أَخذ الغَرْبَ مِنَ الْبِئْرِ فَجَاءَ بِهَا إِلى الْحَوْضِ؛ قَالَ:

لَهَا مِرْفَقانِ أَفْتَلانِ، كأَنَّما ... أُمِرَّا بِسَلْمَيْ دالِجٍ مُتَشَدِّدِ

والمَدْلَجُ والمَدْلَجَةُ: مَا بَيْنَ الْحَوْضِ وَالْبِئْرِ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:

كأَنَّ رِماحَهُمْ أَشْطانُ بِئْرٍ، ... لَهَا فِي كلِّ مَدْلَجةٍ خُدُودُ

والدَّالِجُ: الَّذِي يتردَّد بَيْنَ الْبِئْرِ وَالْحَوْضِ بِالدَّلْوِ يُفْرغُها فِيهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

بانَتْ يَداه عَنْ مُشَاشِ والِجِ، ... بَيْنُونَةَ السَّلْمِ بِكَفِّ الدّالِجِ

وَقِيلَ: الدَّلْجُ أَن يأْخذ الدَّلْو إِذا خرجَتْ، فَيَذْهَبُ بِهَا حَيْثُ شَاءَ؛ قَالَ:

لوْ أَنَّ سَلْمى أَبْصَرَتْ مَطَلِّي ... تَمْتَحُ، أَو تَدْلِجُ، أَو تُعَلِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>