للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَاسْتَعْمَلَ أَبو حَنِيفَةَ الإِنْضاج فِي البَرْد فِي كِتَابِهِ المَوْسوم بِالنَّبَاتِ: المَهْروء الَّذِي قَدْ أَنضَجه البَرْدُ، قَالَ: وَهَذَا غَرِيبٌ إِذ الإِنضاج إِنما يَكُونُ فِي الْحَرِّ، فَاسْتَعْمَلَهُ هُوَ فِي البردِ. وَرَجُلٌ نَضِيجُ الرأْي: مُحْكَمُه، عَلَى المَثَلِ. وَفُلَانٌ لَا يُنْضِجُ الكُراعَ أَي أَنه ضَعيفٌ لَا غَناءَ عِنْدَهُ. ونَضِجَت الناقةُ بِوَلَدِهَا ونَضَّجَتْه، وَهِيَ مُنَضِّجٌ: جاوَزَت الحَقَّ بِشَهْرٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ تُنْتَج أَي زادَتْ عَلَى وقتِ الْوِلَادَةِ؛ قَالَ حُميد بْنُ ثَوْرٍ:

وصَهْباء مِنْهَا كالسَّفينة، نَضَّجَتْ ... بِهِ الحَمْلَ، حَتَّى زادَ شَهْراً عَديدُها

ونوقٌ مُنَضِّجات؛ قَالَ عُوَيف القَوافي يَصِف بَعِيرًا لَهُ تأَخَّرتْ ولادتُه عَنْ حِينِه بِشَهْرٍ أَو قِراب شَهْرٍ:

هُوَ ابنُ مُنَضِّجاتٍ، كُنَّ قِدْماً ... يَزِدْن عَلَى العَدِيدِ، قِرابَ شَهْرِ

وَلَمْ يَكُ بابنِ كاشِفة الضَّواحِي، ... كأَنَّ غُرُورَها أَعْشارُ قِدْر

والمُنَضِّجة: الَّتِي تأَخَّرَتْ وِلادتُها عَنْ حِينِ الْوِلَادَةِ شَهْرًا، وَهُوَ أَقْوَى للوَلدِ. والضَّواحي: النَّواحي مِنَ الْجَسَدِ. وغُرورُ الجِلْدِ وَغَيْرِهِ: مَكاسِرُه، وَاحِدُهُ غَرٌّ. الأَصمعي: إِذا حَمَلَت الناقةُ فجازَت السَّنَةَ مِنْ يومَ لَقِحَتْ، قِيلَ: أَدْرَجَتْ ونَضَّجَتْ، وَقَدْ جَازَتِ الحَقَّ، وحَقُّها الوقتُ الَّذِي ضُرِبَتْ فِيهِ، وَيُقَالُ لَهَا: مِدْراج ومُنْضِجٌ؛ وأَنشد الْمُبَرِّدُ لِلطِّرِمَّاحِ:

أَنْضَجَتْه عشرينَ يَوماً ونِيلَتْ، ... حينَ نِيلَتْ، يَعارَةً فِي العِراض

«١» سوفَ تُدْنِيكَ مِنْ لَمِيسَ سَبَنْداةٌ، ... أَمارَتْ بالبَولِ ماءَ الكِراض

قَالَ: أَنْضَجَتْه عِشْرِينَ يَوْمًا، إِنما يُريد بعدَ الحَولِ مِنْ يومَ حَمَلتْ، فَلَا يَخرُجُ الوَلدُ إِلا مُحْكَماً؛ كَمَا قَالَ الْحُطَيْئَةُ:

لأَدْماء مِنْهَا كالسَّفينةِ، نَضَّجَتْ ... بِهِ الحَولَ، حَتَّى زادَ شَهْرًا عَدِيدُها «٢»

قَالَ الأَزهري: مَا ذُكِرَ فِي بَيْتِ الحُطَيئة مِنَ التَّنْضِيجِ هُوَ كَمَا فَسَّرَهُ الْمُبَرِّدُ، وأَما بَيْتُ الطِّرِمَّاحِ فَمَعْنَاهُ غيرُ مَا ذَهَبَ إِليه، لأَنَّ مَعْنَاهُ فِي بَيْتِهِ صِفةُ الناقةِ نفسِها بالقُوَّة، لَا قُوَّة وَلدِها؛ أَراد أَنَّ الفَحْلَ ضَرَبَها يَعارةً لأَنها كَانَتْ نجِيبةً، فضَنَّ بِهَا صاحبُها لنجابَتِها عَنْ ضِرابِ الفحلِ إِياها، فَعَارَضَهَا فحلٌ فضَرَبَها فأَرْتَجَتْ عَلَى مائِهِ عِشْرِينَ يَوْمًا، ثُمَّ أَلْقَتْ ذَلِكَ الماءَ قبلَ أَن يُثقِلَها الحَمْلُ فَتذهب مُنَّتُها، وروَى الرُّواةُ البيتَ: [أَضْمَرَتْه عِشْرِينَ يَوْمًا] لَا أَنْضَجَتْه، فإِن رُوِيَ أَنضَجته، فَمَعْنَاهُ أَنَّ ماءَ الفَحلِ نَضِجَ فِي رحِمِها فِي عِشْرِينَ يَوْمًا، ثُمَّ رَمَتْ بِهِ كَمَا تَرْمِي بوَلَدِها التَّمامِ الخَلْقِ وبَقِيَ لَهَا مُنَّتُها؛ وَقَالَ الشَّمَّاخُ:

وأَشْعَث قَدْ قدَّ السِّفارُ قَمِيصَه، ... وَحَرُّ السَّوَاءِ بِالْعَصَا غيرُ مُنْضِج

وَقَدِ اسْتَعْمَلَ ثَعْلَبٌ نَضَّجته فِي المرأَة؛ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:

تَمَطَّتْ بِهِ أُمُّه فِي النِّفاسِ، ... فَلَيْسَ بِيَتْنٍ وَلَا تَوْأَم

يُرِيدُ أَنها زَادَتْ عَلَى تِسْعَةِ أَشهر حَتَّى نَضَّجَتْه. ونَضَّجَت الناقةُ بِلَبَنِها إِذا بَلَغَتِ الْغَايَةَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه وَهَماً، إِنما هُوَ نَضَّجَت بوَلَدِها.


(١). قوله [أَنضجته إلخ] هكذا في الأَصل بتقديم هَذَا الْبَيْتَ عَلَى مَا بعده، والذي في الصحاح في مادة كرض وفي شرح القاموس في مادة يعر وكرض تقديم الثاني على الأَول.
(٢). قوله [لأَدماء] الذي في الصحاح وصهباء.

<<  <  ج: ص:  >  >>