مَوْضِعَ الْعَيْبِ وَذَلِكَ إِذا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ رُكُوبُ الرأْس، لَا يُثْنِيهِ رَاكِبُهُ، وَهَذَا مِنَ الجِماحِ الَّذِي يُرَدُّ مِنْهُ بِالْعَيْبِ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي فِي الْفَرَسِ الجَمُوح أَن يَكُونَ سَرِيعًا نَشِيطًا مَرُوحاً، وَلَيْسَ بِعَيْبٍ يُردّ مِنْهُ، وَمَصْدَرُهُ الجُمُوح؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
جَمُوحاً مَرُوحاً، وإِحْضارُها ... كَمَعْمَعةِ السَّعَفِ المُوقَدِ
وإِنما مَدَحَهَا فَقَالَ:
وأَعْدَدْتُ لِلحَربِ وَثَّابةً، ... جَوَادَ المَحَثَّةِ والمُرْوَدِ
ثُمَّ وَصَفَهَا فَقَالَ: جَمُوحاً مَرُوحاً أَو سَبُوحاً أَي تُسْرع بِرَاكِبِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه جَمَحَ فِي أَثَرِه
أَي أَسْرع إِسراعاً لَا يَرُدُّه شَيْءٌ. وجَمَحَتِ السَّفِينَةُ تَجْمَحُ جُمُوحاً: تَرَكَتْ قَصْدَها فَلَمْ يَضْبِطْها الملَّاحون. وجَمَحُوا بكِعابِهم: كَجَبَحُوا. وتَجامَح الصبيانُ بالكِعابِ إِذا رَمَوْا كَعْباً بكَعْب حَتَّى يُزِيلَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ. والجَمامِيحُ: رؤُوس الحَلِيِّ والصِّلِّيانِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: مثل رؤُوس الحَلِيِّ والصِّلِّيان وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَخْرُجُ عَلَى أَطرافه شِبْهُ السُّنْبُلِ، غَيْرَ أَنه لَيِّنٌ كأَذْنابِ الثَّعَالِبِ، وَاحِدَتُهُ جُمَّاحَة. والجُمَّاح: شيءٌ يُتَّخَذُ مِنَ الطِّينِ الحُرِّ أَو التَّمْرِ والرَّمادِ فَيُصَلَّبُ وَيَكُونُ فِي رأْس المِعْراضِ يُرْمَى بِهِ الطَّيْرُ؛ قَالَ:
أَصابتْ حَبَّةَ القَلبِ، ... فَلَمْ تُخْطِئْ بِجُمَّاحِ
وَقِيلَ: الجُمَّاحُ تَمْرَةٌ تُجْعَلُ عَلَى رأْس خَشَبَةٍ يَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ، وَقِيلَ: هُوَ سَهْمٌ أَو قَصَبة يُجْعَلُ عَلَيْهَا طِينٌ ثُمَّ يُرْمَى بِهِ الطَّيْرُ؛ قَالَ رُقَيْعٌ الوالِبِيُّ:
حَلَقَ الحوادثُ لِمَّتي، فَتَرَكْن لِي ... رأْساً يَصِلُّ، كأَنه جُمَّاحُ
أَي يُصَوِّتُ مِنِ امِّلاسِه؛ وَقِيلَ: الجُمَّاحُ سهمٌ صَغِيرٌ بِلَا نَصْلٍ مُدَوَّرُ الرأْس يَتَعَلَّمُ بِهِ الصِّبيانُ الرَّمْيَ، وَقِيلَ: بَلْ يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ يَجْعَلُونَ عَلَى رأْسه تَمْرَةً أَو طِينًا لِئَلَّا يَعْقِرَ؛ قَالَ الأَزهري: يُرْمَى بِهِ الطَّائِرُ فَيُلْقِيهِ وَلَا يَقْتُلُهُ حَتَّى يأْخذه رَامِيهِ؛ وَرَوَتِ العربُ عَنْ رَاجِزٍ مِنَ الْجِنِّ زَعَمُوا:
هَلْ يُبْلِغَنِّيهمْ إِلى الصَّباحْ ... هَيْقٌ، كأَنَّ رأْسَه جُمَّاحْ
قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لَهُ جُبَّاحٌ أَيضاً؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الجُمَّاح سَهْمُ الصَّبِيُّ يُجْعَلُ فِي طَرَفِهِ تَمْرًا مَعْلوكاً بقَدْرِ عِفاصِ الْقَارُورَةِ لِيَكُونَ أَهْدَى لَهُ، أَمْلَسُ وَلَيْسَ لَهُ رِيشٌ، وَرُبَّمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَيضاً فُوقٌ، قَالَ: وَجَمْعُ الجُمَّاحِ جَمامِيحُ وجَمامِحُ، وإِنما يَكُونُ الجَمامِحُ فِي ضَرُورَةِ الشَّعْرِ كَقَوْلِ الحُطَيْئة:
بِزُبِّ اللِّحَى جُرْدِ الخُصَى كالجَمامِحِ
فأَما أَن يُجْمَعَ الجُمَّاحُ عَلَى جَمامِحَ فِي غَيْرِ ضَرُورَةِ الشَّعْرِ فَلَا، لأَن حَرْفَ اللِّينِ فِيهِ رَابِعٌ، وإِذا كَانَ حَرْفُ اللِّينِ رَابِعًا فِي مِثْلِ هَذَا كَانَ أَلفاً أَو وَاوًا أَو يَاءً، فَلَا بُدَّ مِنْ ثَبَاتِهَا يَاءً فِي الْجَمْعِ وَالتَّصْغِيرِ عَلَى مَا أَحكَمَتْه صِناعةُ الإِعراب، فإِذاً لَا مَعْنَى لِقَوْلِ أَبي حَنِيفَةَ فِي جَمْعِ جُمَّاح جَمامِيحُ وجَمامِحُ، وإِنما غَرَّهُ بَيْتُ الْحُطَيْئَةِ وَقَدْ بيَّنا أَنه اضْطِرَارٌ. الأَزهري: الْعَرَبُ تُسَمِّي ذَكَر الرَّجلِ جُمَيْحاً ورُمَيْحاً، وتُسَمِّي هَنَ المرأَةِ شُرَيْحاً، لأَنه مِنَ الرَّجُلِ يَجْمَحُ فَيَرْفَعُ رأْسه، وَهُوَ مِنْهَا يَكُونُ مَشْرُوحًا أَي مَفْتُوحًا. ابْنُ الأَعرابي: الجُمَّاح الْمُنْهَزِمُونَ مِنَ الْحَرْبِ، وأَورد