للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رِفْقًا بِهَا وإِحساناً. والسُّبْحَة: التطوُّع مِنَ الذِّكر وَالصَّلَاةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ يُطْلَقُ التَّسْبِيحُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَنواع الذِّكْرِ مَجَازًا كَالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ وَغَيْرِهِمَا. وسُبْحَةُ اللَّهِ: جلالُه. وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا

أَي فَرَاغًا لِلنَّوْمِ، وَقَدْ يَكُونُ السَّبْحُ بِاللَّيْلِ. والسَّبْحُ أَيضاً: النَّوْمُ نَفْسُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُلَقَّبُ بِنَفْطَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ*

أَي سَبِّحْهِ بأَسمائه وَنَزِّهْهُ عَنِ التَّسْمِيَةِ بِغَيْرِ مَا سمَّى بِهِ نَفْسَهُ، قَالَ: وَمَنْ سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى بِغَيْرِ مَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ، فَهُوَ مُلْحِدٌ فِي أَسمائه، وكلُّ مَنْ دَعَاهُ بأَسمائه فَمُسَبِّح لَهُ بِهَا إِذ كَانَتْ أَسماؤُه مَدَائِحَ لَهُ وأَوصافاً؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها، وَهِيَ صِفَاتُهُ الَّتِي وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ، وَكُلُّ مَنْ دَعَا اللَّهَ بأَسمائه فَقَدْ أَطاعه وَمَدَحَهُ ولَحِقَه ثوابُه.

وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَا أَحدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الفواحشَ، وَلَيْسَ أَحدٌ أَحبَّ إِليه المَدْحُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.

والسَّبْحُ أَيضاً: السُّكُونُ. والسَّبْحُ: التقَلُّبُ وَالِانْتِشَارُ فِي الأَرض والتَّصَرُّفُ فِي الْمَعَاشِ، فكأَنه ضِدٌّ. وَفِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ:

فأَدخل إصْبُعَيْه السَّبَّاحَتَيْنِ فِي أُذنيه

؛ السَّبَّاحةُ والمُسَبِّحةُ: الإِصبع الَّتِي تَلِي الإِبهام، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها يُشَارُ بِهَا عِنْدَ التَّسْبِيحِ. والسَّبْحَةُ، بِفَتْحِ السِّينِ: ثَوْبٌ مِنْ جُلُود، وَجَمْعُهَا سِباحٌ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ خَالِدٍ الْهُذَلِيُّ:

وسَبَّاحٌ ومَنَّاحٌ ومُعْطٍ، ... إِذا عادَ المَسارِحُ كالسِّباحِ

وصحَّف أَبو عُبَيْدَةَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فَرَوَاهَا بِالْجِيمِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَذْكُرْ، يَعْنِي الْجَوْهَرِيَّ، السَّبْحَة، بِالْفَتْحِ، وَهِيَ الثِّيَابُ مِنَ الْجُلُودِ، وَهِيَ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا التَّصْحِيفُ، فَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هِيَ السُّبْجة، بِالْجِيمِ وَضَمِّ السِّينِ، وَغَلِطَ فِي ذَلِكَ، وإِنما السُّبْجَة كِسَاءٌ أَسود، وَاسْتَشْهَدَ أَبو عُبَيْدَةَ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ بِقَوْلِ مَالِكٍ الْهُذَلِيِّ:

إِذا عَادَ الْمَسَارِحُ كَالسِّبَاجِ

فصحَّف الْبَيْتَ أَيضاً، قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ مِنْ قَصِيدَةٍ حَائِيَّةٍ مَدَحَ بِهَا زهيرَ بنَ الأَغَرِّ اللِّحْيَانِيَّ، وأَوَّلها:

فَتًى مَا ابنُ الأَغَرِّ، إِذا شَتَوْنا، ... وحُبَّ الزَّادُ فِي شَهْرَيْ قُماحِ [قِماحِ]

وَالْمَسَارِحُ: الْمَوَاضِعُ الَّتِي تَسْرَحُ إِليها الإِبل، فَشَبَّهَهَا لمَّا أَجدبت بِالْجُلُودِ المُلْسِ فِي عَدَمِ النَّبَاتِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ سَبَجَ، بِالْجِيمِ، مَا صُوُرَتُهُ: والسِّباجُ ثِيَابٌ مِنْ جُلُودٍ، وَاحِدَتُهَا سُبْجَة، وَهِيَ بِالْحَاءِ أَعلى، عَلَى أَنه أَيضاً قَدْ قَالَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: إِن أَبا عُبَيْدَةَ صحَّف هَذِهِ الْكَلِمَةَ وَرَوَاهَا بِالْجِيمِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، وَمِنَ الْعَجَبِ وُقُوعُهُ فِي ذَلِكَ مَعَ حِكَايَتِهِ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ أَنه وَقَعَ فِيهِ، اللَّهُمَّ إِلا أَن يَكُونَ وَجَدَ نَقْلًا فِيهِ، وَكَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنه لَوْ وَجَدَ نَقْلًا فِيهِ أَن يَذْكُرَهُ أَيضاً فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ عِنْدَ تَخْطِئَتِهِ لأَبي عُبَيْدَةَ وَنِسْبَتِهِ إِلى التَّصْحِيفِ لِيَسْلَمَ هُوَ أَيضاً مِنَ التُّهْمَةِ وَالِانْتِقَادِ. أَبو عَمْرٍو: كساءٌ مُسبَّح، بِالْبَاءِ، قَوِيٌّ شَدِيدٌ، قَالَ: والمُسَبَّحُ، بِالْبَاءِ أَيضاً، المُعَرَّضُ، وَقَالَ شَمِرٌ: السِّباحُ، بِالْحَاءِ، قُمُصٌ لِلصِّبْيَانِ مِنْ جُلُودٍ؛ وأَنشد:

كأَنَّ زوائِدَ المُهُراتِ عَنْهَا ... جَواري الهِنْدِ، مُرْخِيةَ السِّباحِ

قَالَ: وأَما السُّبْجَة، بِضَمِّ السِّينِ وَالْجِيمِ، فَكِسَاءٌ أَسود. والسُّبْحَة: الْقِطْعَةُ مِنَ الْقُطْنِ. وسَبُوحةُ، بِفَتْحِ السِّينِ مُخَفَّفَةً: البلدُ الحرامُ، وَيُقَالُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>