للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسَيَحاناً أَي ذَهَبَ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا سِياحة فِي الإِسلام

؛ أَراد بالسِّياحة مفارقةَ الأَمصار والذَّهابَ فِي الأَرض، وأَصله مِنْ سَيْح الْمَاءِ الْجَارِي؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد مفارقةَ الأَمصار وسُكْنى البَراري وتَرْكَ شُهُودِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ؛ قَالَ: وَقِيلَ أَراد الَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي الأَرض بالشرِّ وَالنَّمِيمَةِ والإِفساد بَيْنَ النَّاسِ؛ وَقَدْ سَاحَ، وَمِنْهُ المَسيحُ بن مَرْيَمَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ؛ فِي بَعْضِ الأَقاويل: كَانَ يَذْهَبُ فِي الأَرض فأَينما أَدركه الليلُ صَفَّ قَدَمَيْهِ وَصَلَّى حَتَّى الصَّبَاحَ؛ فإِذا كَانَ كَذَلِكَ، فَهُوَ مَفْعُولٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. والمِسْياحُ الَّذِي يَسِيحُ فِي الأَرض بِالنَّمِيمَةِ وَالشَّرِّ؛ وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أُولئك أُمَّةُ الهُدى لَيْسُوا بالمَساييح وَلَا بالمَذاييع البُذُرِ

؛ يَعْنِي الَّذِينَ يَسِيحون فِي الأَرض بِالنَّمِيمَةِ وَالشَّرِّ والإِفساد بَيْنَ النَّاسِ، وَالْمَذَايِيعُ الَّذِينَ يُذِيعُونَ الْفَوَاحِشَ. الأَزهري: قَالَ شَمِرٌ: الْمَسَايِيحُ لَيْسَ مِنَ السِّياحة وَلَكِنَّهُ مِنَ التَّسْييح؛ والتَّسْييح فِي الثَّوْبِ: أَن تَكُونَ فِيهِ خُطُوطٌ مُخْتَلِفَةٌ لَيْسَتْ مِنْ نَحْوٍ وَاحِدٍ. وسِياحةُ هَذِهِ الأُمة الصيامُ ولُزُومُ الْمَسَاجِدِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ

؛ وَقَالَ تَعَالَى: سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً

؛ السَّائِحُونَ وَالسَّائِحَاتُ: الصَّائِمُونَ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: السَّائِحُونَ فِي قَوْلِ أَهل التَّفْسِيرِ وَاللُّغَةِ جَمِيعًا الصَّائِمُونَ، قَالَ: وَمَذْهَبُ الْحَسَنِ أَنهم الَّذِينَ يَصُومُونَ الْفَرْضَ؛ وَقِيلَ: إِنهم الَّذِينَ يُدِيمونَ الصيامَ، وَهُوَ مِمَّا فِي الْكُتُبِ الأُوَل؛ وَقِيلَ: إِنما قِيلَ لِلصَّائِمِ سَائِحٌ لأَن الَّذِي يَسِيحُ مُتَعَبِّدًا يَسِيحُ وَلَا زَادَ مَعَهُ إِنما يَطْعَمُ إِذا وُجِدَ الزَّادُ. وَالصَّائِمُ لَا يَطْعَمُ أَيضاً فَلِشَبَهِهِ بِهِ سُمِّيَ سَائِحًا؛

وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ عَنِ السَّائِحِينَ، فَقَالَ: هُمُ الصَّائِمُونَ.

والسَّيْح: المِسْحُ المُخَطَّطُ؛ وَقِيلَ: السَّيْح مِسْح مُخَطَّطٌ يُسْتَتَرُ بِهِ ويُفْتَرَش؛ وَقِيلَ: السَّيْحُ العَباءَة المُخَطَّطة؛ وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ البُرود، وَجَمْعُهُ سُيُوحٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

وإِني، وإِن تُنْكَرْ سُيُوحُ عَباءَتي، ... شِفاءُ الدَّقَى يَا بِكْرَ أُمِّ تَميمِ

الدَّقَى: البَشَمُ وعَباءَة مُسَيَّحة؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

مِنَ الهَوْذِ كَدْراءُ السَّراةِ، ولونُها ... خَصِيفٌ، كَلَوْنِ الحَيْقُطانِ المُسَيَّحِ

ابْنُ بَرِّيٍّ: الهَوْذُ جُمْعُ هَوْذَةٍ، وَهِيَ القَطاة. والسَّراة: الظَّهْرُ. والخَصِيفُ: الَّذِي يَجْمَعُ لَوْنَيْنِ بَيَاضًا وَسَوَادًا. وبُرْدٌ مُسَيَّح ومُسَيَّر: مُخَطَّطٌ؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: المُسَيَّحُ مِنَ العَباء الَّذِي فِيهِ جُدَدٌ: وَاحِدَةٌ بَيْضَاءُ، وأُخرى سَوْدَاءُ لَيْسَتْ بِشَدِيدَةِ السَّوَادِ؛ وَكُلُّ عباءَة سَيْحٌ ومُسَيَّحَة، وَيُقَالُ: نِعْمَ السيْحُ هَذَا وَمَا لَمْ يَكُنْ جُدَد فإِنما هُوَ كِسَاءٌ وَلَيْسَ بِعَبَاءٍ. وجَرادٌ مُسَيَّحٌ: مُخَطَّطٌ أَيضاً؛ قَالَ الأَصمعي: المُسَيَّح مِنَ الْجَرَادِ الَّذِي فِيهِ خُطُوطٌ سُودٌ وَصُفْرٌ وَبِيضٌ، وَاحِدَتُهُ مُسَيَّحة؛ قَالَ الأَصمعي: إِذا صَارَ فِي الْجَرَادِ خُطوط سُودٌ وصُفْر وَبِيضٌ، فَهُوَ المُسَيَّحُ، فإِذا بَدَا حَجْمُ جَناحه فذلك الكُتْفانُ [الكِتْفانُ] لأَنه حِينَئِذٍ يُكَتِّفُ المَشْيَ، قَالَ: فإِذا ظَهَرَتْ أَجنحته وَصَارَ أَحمر إِلى الغُبْرة، فَهُوَ الغَوْغاءُ، الْوَاحِدَةُ غَوْغاءَة، وَذَلِكَ حِينَ يموجُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ وَلَا يَتَوَجَّهُ جِهَةً وَاحِدَةً، قَالَ الأَزهري: هَذَا فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ بَحْرٍ. الأَزهري: والمُسَيَّحُ مِنَ الطَّرِيقِ المُبَيَّنُ شَرَكُه، وإِنما سَيَّحَه كثرةُ شَرَكه، شُبِّه بِالْعَبَاءِ المُسَيَّح؛ وَيُقَالُ لِلْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ: مُسَيَّحٌ لجُدَّة تَفْصِلُ بَيْنَ بَطْنِهِ وَجَنْبِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>