للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ تَرَكَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاهْتِمَامُ بِهِ والجِدُّ فِيهِ، وَاشْتَغَلَ بِمَا لَا يَلْزَمُهُ وَلَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ. وشَحِحْت بِكَ وَعَلَيْكَ سَوَاءٌ ضَنَنْتُ، عَلَى الْمَثَلِ. وَفُلَانٌ يُشاحُّ على فلان أَي يَضِنُّ بِهِ. وأَرضٌ شَحاحٌ: تسيلٌ مِنْ أَدْنى مَطَرَةٍ كأَنها تَشِحُّ عَلَى الْمَاءِ بِنَفْسِهَا؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشِّحاحُ شِعابٌ صِغَارٌ لَوْ صَبَبْتَ فِي إِحداهن قِرْبة أَسالته، وَهُوَ مِنَ الأَول. وأَرضٌ شَحاحٌ: لَا تَسيل إِلّا مِنْ مَطَرٍ كَثِيرٍ «١». وأَرضٌ شَحْشَحٌ، كَذَلِكَ. والشُّحُّ: حِرْصُ النَّفْسِ عَلَى مَا مَلَكَتْ وَبُخْلُهَا بِهِ، وَمَا جَاءَ فِي التَّنْزِيلِ مِنَ الشُّحِّ، فَهَذَا مَعْنَاهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*

؛ وَقَوْلُهُ: وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ

؛ قَالَ الأَزهري فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*

؛ أَي مَنْ أَخرج زَكَاتَهُ وَعَفَّ عَنِ الْمَالِ الَّذِي لَا يَحِلُّ لَهُ، فَقَدْ وُقِيَ شُحَّ نَفْسِهِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

بَرِئَ مِنَ الشُّحِّ مَنْ أَدَّى الزَّكَاةَ وقَرَى الضَّيْفَ وأَعطى فِي النَّائِبَةِ

؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن تَتَصَدَّقَ وأَنت شَحِيح صَحيح تَأْمُلُ الْبَقَاءَ وتَخْشى الْفَقْرَ

؛ وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: أَن رَجُلًا قَالَ لَهُ: إِني شَحِيح، فَقَالَ: إِن كَانَ شُحُّكَ لَا يَحْمِلُكَ عَلَى أَن تأْخذ مَا لَيْسَ لَكَ فَلَيْسَ بشُحِّكَ بأْسٌ

؛ فِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا أُعْطِي مَا أَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ، قال: ذاك البخلُ، والشح أَن تأْخذ مَالَ أَخيك بِغَيْرِ حَقِّهِ.

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ: الشُّحُّ مَنْعُ الزَّكَاةِ وإِدخال الْحَرَامِ.

وشَحَّ بِالشَّيْءِ وَعَلَيْهِ يَشِحُّ، بِكَسْرِ الشِّينِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ فَعِيل مِنَ النُّعُوتِ إِذا كَانَ مُضَاعَفًا عَلَى فَعَلَ يَفْعِل، مِثْلَ خَفِيفٍ ودَفِيف وعَفِيف، وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: تَقُولُ شَحَّ يَشِحُّ، وَقَدْ شَحِحْتَ تَشَحُّ، وَمِثْلُهُ ضَنَّ يَضَنُّ، فَهُوَ ضَنِينُ، وَالْقِيَاسُ هُوَ الأَول ضَنَّ يَضِنُّ، وَاللُّغَةُ الْعَالِيَةُ ضَنَّ يَضَنُّ. والشَّحْشَحُ والشَّحْشاحُ: الْمُمْسِكُ الْبَخِيلُ؛ قَالَ سَلَمَةُ ابن عَبْدِ اللَّهِ العَدَوِيّ:

فَرَدَّدَ الهَدْرَ وَمَا أَن شَحْشَحا

أَي مَا بَخِلَ بِهَدِيرِهِ؛ وَبَعْدَهُ:

يميلُ عَلْخَدَّيْنِ ميْلًا مُصْفَحا

أَي يَمِيلُ عَلَى الخَدَّين، فَحَذَفَ. والشَّحْشَحُ والشَّحْشاحُ: الْمُوَاظِبُ عَلَى الشَّيْءِ الْجَادُّ فِيهِ الْمَاضِي فِيهِ. والشَّحْشَحُ يَكُونُ لِلذَّكَرِ والأُنثى؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

كأَنَّ المَطايا ليلةَ الخِمْسِ عُلِّقَتْ ... بوَثَّابةٍ، تَنْضُو الرَّواسِمَ، شَحْشَحِ

والشَّحْشَحُ والشَّحْشاحُ: الغَيُورُ وَالشُّجَاعُ أَيضاً. وفلاةٌ شَحْشَحٌ: وَاسِعَةٌ بَعِيدَةُ مَحْلٌ لَا نَبْتٌ فِيهَا؛ قَالَ مُلَيْح الهُذَليُّ:

تَخْدِي إِذا مَا ظَلامُ الليلِ أَمْكَنها ... مِنَ السُّرَى، وفلاةٌ شَحْشَحٌ جَرَدُ

والشَّحْشَحُ والشَّحْشاح أَيضاً: القويُّ. وَخَطِيبٌ شَحْشح وشَحْشاحٌ: ماضٍ، وَقِيلَ: هُمَا كُلُّ ماضٍ فِي كَلَامٍ أَو سَيْر؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

لَدُنْ غَدْوةً، حَتَّى إِذا امْتَدَّتِ الضُّحَى، ... وحَثَّ القَطِينَ الشَّحْشحانُ المُكَلَّفُ

يَعْنِي الْحَادِيَ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: أَنه رأَى رَجُلًا يَخطُبُ، فَقَالَ: هَذَا الْخَطِيبُ الشَّحْشَحُ

، هُوَ الْمَاهِرُ بِالْخُطْبَةِ الْمَاضِي فِيهَا. ورجل شَحْشَحٌ: سَيِءُ الخُلُق؛ وقال


(١). قوله [لَا تَسِيلُ إِلَّا مِنْ مَطَرٍ كثير] لا منافاة بينه وبين ما قبله، فهو من الأَضداد كما في القاموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>