أَنس ابنُ نُهَيْكٍ:
عَزَمْتُ عَلَى إِقامةِ ذِي صباحٍ، ... لأَمْرٍ مَا يُسَوَّدُ مَا يَسُودُ
وأَتيته أُصْبُوحةَ كُلِّ يَوْمٍ وأُمْسِيَّةَ كلِّ يَوْمٍ. قَالَ الأَزهري: صَبَحْتُ فُلَانًا أَتيته صَبَاحًا؛ وأَما قَوْلُ بُجَيْر بْنِ زُهير المزنيِّ، وَكَانَ أَسلم:
صَبَحْناهمْ بأَلفٍ مِنْ سُلَيْمٍ، ... وسَبْعٍ مِنْ بَنِي عُثمانَ وَافَى
فَمَعْنَاهُ أَتيناهم صَباحاً بأَلف رَجُلٍ مِنْ سُليم؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
نحْنُ صَبَحْنا عَامِرًا فِي دارِها ... جُرْداً، تَعادَى طَرَفَيْ نَهارِها
يُرِيدُ أَتيناها صَبَاحًا بِخَيْلٍ جُرْد؛ وَقَوْلُ الشَّمَّاخ:
وتَشْكُو بعَيْنٍ مَا أَكَلَّ رِكابَها، ... وقيلَ المُنادِي: أَصْبَحَ القومُ أَدْلِجِي
قَالَ الأَزهري: يسأَل السَّائِلُ عَنْ هَذَا الْبَيْتِ فَيَقُولُ: الإِدلاج سَيْرُ اللَّيْلِ، فَكَيْفَ يَقُولُ: أَصبح الْقَوْمُ، وَهُوَ يأْمر بالإِدلاج؟ وَالْجَوَابُ فِيهِ: أَن الْعَرَبَ إِذا قَرُبَتْ مِنَ الْمَكَانِ تُرِيدُهُ، تَقُولُ: قَدْ بَلَغْنَاهُ، وإِذا قَرَّبَتْ لِلسَّارِي طلوعَ الصُّبْحِ وإِن كَانَ غَيْرَ طَالِعٍ، تَقُولُ: أَصْبَحْنا، وأَراد بِقَوْلِهِ أَصبح القومُ: دَنَا وقتُ دُخُولِهِمْ فِي الصَّبَاحِ؛ قَالَ: وإِنما فَسَّرْتُهُ لأَن بَعْضَ النَّاسِ فَسَّرَهُ عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ. والصُّبْحة والصَّبْحة: نَوْمُ الْغَدَاةِ. والتَّصَبُّحُ: النَّوْمُ بِالْغَدَاةِ، وَقَدْ كَرِهَهُ بَعْضُهُمْ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنِ الصُّبْحة
وَهِيَ النَّوْمُ أَوّل النَّهَارِ لأَنه وَقْتُ الذِّكر، ثُمَّ وَقْتُ طَلَبِ الْكَسْبِ. وَفُلَانٌ يَنَامُ الصُّبْحة والصَّبْحة أَي يَنَامُ حِينَ يُصْبح، تَقُولُ مِنْهُ: تَصَبَّح الرجلُ،؛ وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ أَنها قَالَتْ: وَعِنْدَهُ أَقول فَلَا أُقَبَّح وأَرْقُدُ فأَتَصَبَّحُ
؛ أَرادت أَنها مَكفِيَّة، فَهِيَ تَنَامُ الصُّبْحة. والصُّبْحة: مَا تَعَلَّلْتَ بِهِ غُدْوَةً. والمِصْباحُ مِنَ الإِبل: الَّذِي يَبْرُك فِي مُعَرَّسه فَلَا يَنْهَض حَتَّى يُصبح وإِن أُثير، وَقِيلَ: المِصْبَحُ والمِصْباحُ مِنَ الإِبل الَّتِي تُصْبِحُ فِي مَبْرَكها لَا تَرْعَى حَتَّى يَرْتَفِعَ النَّهَارُ؛ وَهُوَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ مِنَ الإِبل وَذَلِكَ لقوَّتها وَسِمَنِهَا؛ قَالَ مُزَرِّد:
ضَرَبْتُ لَهُ بالسيفِ كَوْماءَ مِصْبَحاً، ... فشُبَّتْ عَلَيْهَا النارُ، فَهِيَ عَقِيرُ
والصَّبُوحُ: كُلُّ مَا أُكل أَو شُرِبَ غُدْوَةً، وَهُوَ خِلَافُ الغَبُوقِ. والصَّبُوحُ: مَا أَصْبَحَ عِنْدَهُمْ مِنْ شَرَابِهِمْ فَشَرِبُوهُ، وَحَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: الصَّبُوحُ الْخَمْرُ؛ وأَنشد:
وَلَقَدْ غَدَوْتُ عَلَى الصَّبُوحِ، مَعِي ... شَرْبٌ كِرامٌ مَنْ بَنِي رُهْمِ
والصَّبُوحُ مِنَ اللَّبَنِ: مَا حُلب بِالْغَدَاةِ. والصَّبُوحُ والصَّبُوحةُ: النَّاقَةُ الْمَحْلُوبَةُ بِالْغَدَاةِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. حُكِيَ عَنِ الْعَرَبِ: هَذِهِ صَبُوحِي وصَبُوحَتي. والصَّبْحُ: سَقْيُكَ أَخاك صَبُوحاً مِنْ لَبَنٍ. والصَّبُوح: مَا شُرِبَ بِالْغَدَاةِ فَمَا دُونَ الْقَائِلَةِ وفعلُكَ الإِصطباحُ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الصَّبُوح اللَّبَنُ يُصْطَبَحُ، وَالنَّاقَةُ الَّتِي تُحْلَبُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ: صَبُوح أَيضاً؛ يقال: هذه النَّاقَةُ صَبُوحِي وغَبُوقِي؛ قَالَ: وأَنشدنا أَبو لَيْلَى الأَعرابي:
مَا لِيَ لَا أَسْقِي حُبيْباتي ... صَبائِحي غَبَائقي قَيْلاتي؟
والقَيْلُ: اللَّبَنُ الَّذِي يُشْرَبُ وَقْتَ الظَّهِيرَةِ. واصْطَبَحَ القومُ: شَرِبُوا الصَّبُوحَ.