وُجُوهَهم وتَصَفَّحَها: نَظَرَهَا مُتَعَرِّفاً لَهَا. وتَصَفَّحْتُ وُجوهَ الْقَوْمِ إِذا تأَمَّلْتَ وُجُوهَهُمْ تَنْظُرُ إِلى حِلاهم وصُوَرهم وتَتَعَرَّفُ أَمرهم؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
صَفَحْنا الحُمُولَ، للسَّلامِ، بنَظْرَةٍ، ... فَلَمَّ يَكُ إِلَّا وَمْؤُها بالحَواجِبِ
أَي تَصَفَّحْنا وُجُوهَ الرِّكاب. وتَصَفَّحْت الشَّيْءَ إِذا نَظَرْتَ فِي صَفَحاته. وصَفَحْتُ الإِبلَ عَلَى الحوضِ إِذا أَمررتها عَلَيْهِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: نَاقَةٌ مُصَفَّحة ومُصَرّاة ومُصَوّاة ومُصَرَّبَةٌ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وصَفَحَتِ الشاةُ وَالنَّاقَةُ تَصْفَحُ صُفُوحاً: وَلَّى لَبَنُها، ابْنُ الأَعرابي: الصَّافِحُ النَّاقَةُ الَّتِي فَقَدَتْ وَلدَها فَغَرَزَتْ وَذَهَبَ لَبَنُهَا؛ وَقَدْ صَفَحَتْ صُفُوحاً. وصَفَح الرجلَ يَصْفَحُهُ صَفْحاً وأَصْفَحَه: سأَله فَمَنَعَهُ؛ قَالَ:
وَمَنْ يُكْثِرِ التَّسْآلَ يَا حُرّ، لَا يَزَلْ ... يُمَقَّتُ فِي عَينِ الصديقِ، ويُصْفَحُ
وَيُقَالُ: أَتاني فُلَانٌ فِي حَاجَةٍ فأَصْفَحْتُه عَنْهَا إِصْفاحاً إِذا طَلَبَهَا فمَنَعْتَه. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: أُهْدِيَتْ لِي فِدْرَةٌ مِنْ لَحْمٍ، فَقُلْتُ لِلْخَادِمِ: ارْفَعِيهَا لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإِذا هِيَ قَدْ صَارَتْ فِدْرَةَ حَجَر، فقصصتُ القِصَّةَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لَعَلَّهُ وَقَفَ عَلَى بَابِكُمْ سَائِلٌ فأَصْفَحْتموه
أَي خَيَّبْتُموه. قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ صَفَحْتُه إِذا أَعطيته، وأَصْفَحْتُه إِذا حَرَمْتَه. وصَفَحه عَنْ حَاجَتِهِ يَصْفَحُه صَفْحاً وأَصْفَحَه، كِلَاهُمَا: رَدَّه. وصَفَحَ عَنْهُ يَصْفَح صَفْحاً: أَعرض عَنْ ذَنْبِهِ. وَهُوَ صَفُوحٌ وصَفَّاحٌ: عَفُوٌّ. والصَّفُوحُ: الْكَرِيمُ، لأَنه يَصْفَح عَمَّنْ جَنى عَلَيْهِ. واستْصْفَحَه ذَنْبَهُ: اسْتَغْفَرَهُ إِياه وَطَلَبَ أَن يَصْفَحَ لَهُ عَنْهُ. وأَما الصَّفُوحُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَعْنَاهُ العَفُوُّ؛ يُقَالُ: صَفَحْتُ عَنْ ذَنْبِ فُلَانٍ وأَعرضت عَنْهُ فَلَمْ أُؤَاخذْه بِهِ؛ وَضَرَبْتُ عَنْ فُلَانٍ صَفْحاً إِذا أَعرضت عَنْهُ وَتَرَكْتَهُ؛ فالصَّفُوحُ فِي صِفَةِ اللَّهِ: العَفُوُّ عَنْ ذُنُوبِ الْعِبَادِ مُعْرِضاً عَنْ مُجَازَاتِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ تَكرُّماً. والصَّفُوحُ فِي نَعْتِ المرأَة: المُعْرِضَةُ صادَّةً هاجِرَةً، فأَحدهما ضدُّ الْآخَرِ. وَنُصِبَ قَوْلُهُ صَفْحاً فِي قَوْلِهِ: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً؟
عَلَى الْمَصْدَرِ لأَن مَعْنَى قَوْلِهِ أَنُعْرِضُ «١» عَنْكُمُ الصَّفْحَ؛ وضَرْبُ الذِّكْرِ رَدُّه وكَفُّه؛ وَقَدْ أَضْرَبَ عَنْ كَذَا أَي كَفَّ عَنْهُ وَتَرَكَهُ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها: صَفُوحُ عَنِ الْجَاهِلِينَ
أَي الصَّفْح والعفوِ والتَّجاوُزِ عَنْهُمْ؛ وأَصله مِنَ الإِعراض بصَفْحَة وَجْهِهِ كأَنه أَعرض بِوَجْهِهِ عَنْ ذَنْبِهِ. والصَّفُوحُ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ. وَقَالَ الأَزهري فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً؟
الْمَعْنَى أَفَنُعْرِضُ عَنْ أَن نُذَكِّرَكم إِعراضاً مِنْ أَجل إِسرافكم عَلَى أَنفسكم فِي كُفْرِكُمْ؟ يُقَالُ صَفَح عَنِّي فلانٌ أَي أَعرض عَنْهُ مُوَلِّياً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ كُثَيِّرٍ يَصِفُ امرأَة أَعرضت عَنْهُ:
صَفُوحاً فَمَا تَلْقاكَ إِلا بَخِيلةً، ... فَمَنْ مَلَّ مِنْهَا ذَلِكَ الوصلَ مَلَّتِ
وصَفَح الرجلَ يَصْفَحُه صَفْحاً: سَقَاهُ أَيَّ شَراب كَانَ وَمَتَى كَانَ. والمُصْفَحُ: المُمالُ عَنِ الْحَقِّ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
قلبُ الْمُؤْمِنِ مُصْفَحٌ عَلَى الْحَقِّ
أَي مُمالٌ عَلَيْهِ، كأَنه قَدْ جَعَلَ صَفْحَه أَي جَانِبَهُ عَلَيْهِ؛ وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ أَنه قَالَ: الْقُلُوبُ أَربعة: فقلبٌ أَغْلَفُ فَذَلِكَ قَلْبُ الْكَافِرِ، وَقَلْبٌ مَنْكُوسٌ فَذَلِكَ قَلْبٌ رَجَعَ إِلى الْكُفْرِ
(١). قوله [لأَن مَعْنَى قَوْلِهِ أَنُعْرِضُ إلخ] كذا بالأصل.