قَاعِدًا يُجْبَى إِليه خَرْجُه، ... كلُّ مَا بينَ عُمَانٍ فالمَلَحْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُرِيدُ بِعَمْرٍو هَذَا عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ؛ حَكَى الأَزهري عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ أَيضاً قَالَ: قِيلَ طَلَحٌ فِي بَيْتِ الأَعشى مَوْضِعٌ. قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ: أَتى الأَعشى عَمْرًا وَكَانَ مَسْكَنُهُ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ ذُو طَلَحٍ، وَكَانَ عَمْرٌو مَلِكًا نَاعِمًا فاجتزأَ الشَّاعِرُ بِذِكْرِ طَلَحٍ دَلِيلًا عَلَى النِّعْمَةِ، وَعَلَى طَرْح ذِي مِنْهُ، قَالَ: وَذُو طَلَح هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْحُطَيْئَةُ، فَقَالَ وَهُوَ يُخَاطِبُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
مَاذَا تَقُولُ لأَفْراخٍ بِذِي طَلَحٍ، ... حُمْرِ الحواصِلِ، لَا ماءٌ وَلَا شجرُ؟
أَلْقَيْتَ كاسِبَهم فِي قَعْرِ مُظْلِمةٍ، ... فاغْفِرْ، عَلَيْكَ سلامُ اللَّهِ، يَا عُمَرُ
والطَّلْحُ، مَا بَقِيَ فِي الْحَوْضِ مِنَ الماءِ الكَدِرِ. والطَّلْحُ: شَجَرَةٌ حِجَازِيَّةٌ جَناتها كجَناةِ السَّمُرَةِ، وَلَهَا شَوْك أَحْجَنُ وَمَنَابِتُهَا بُطُونُ الأَودية؛ وَهِيَ أَعظم العِضاه شَوْكًا وأَصْلَبُها عُوداً وأَجودها صَمْغاً؛ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ: الطَّلْحُ شجرُ أُمِّ غَيْلانَ وَوَصَفَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَقَالَ: قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الطَّلْحُ شَجَرَةٌ طَوِيلَةٌ لَهَا ظِلٌّ يَسْتَظِلُّ بِهَا النَّاسُ والإِبل، وَوَرَقُهَا قَلِيلٌ وَلَهَا أَغصان طِوالٌ عِظامٌ تُنَادِي السَّمَاءَ مِنْ طُولِهَا، وَلَهَا شَوْكٌ كَثِيرٌ مِنْ سُلَّاء النَّخْلِ، وَلَهَا سَاقٌ عَظِيمَةٌ لا تلتقي عليه يَدَا الرَّجُلِ، تأْكل الإِبل مِنْهَا أَكلًا كَثِيرًا، وَهِيَ أُم غَيْلانَ تَنْبُتُ فِي الْجَبَلِ، الْوَاحِدَةُ طَلْحَة؛ وأَنشد:
يَا أُمَّ غَيْلانَ لَقِيتِ شَرَّا، ... لَقَدْ فَجَعْتِ أَمِناً مُغْبَرَّا،
يَزُورُ بيتَ اللهِ فِيمَنْ مَرَّا، ... لاقَيْتِ نَجَّاراً يَجُرُّ جَرَّا،
بالفأْسِ لَا يُبْقِي عَلَى مَا اخْضَرَّا
يُقَالُ: إِنه لَيَجُرُّ بفأْسه جَرًّا إِذا كَانَ يَقْطَعُ كُلَّ شَيْءٍ مَرَّ بِهِ، وإِن كَانَ وَاضِعَهَا عَلَى عُنُقِه؛ وَقَالَ:
يَا أُمَّ غَيْلانَ، خُذِي شَرَّ القومْ، ... ونَبِّهِيهِ وامْنَعِي مِنْهُ النَّوْم
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الطَّلْح أَعظم العِضاه وأَكثره وَرَقًا وأَشدَّه خُضْرة، وَلَهُ شَوْكٌ ضِخامٌ طِوالٌ وَشَوْكُهُ مِنْ أَقل الشَّوْكِ أَذًى، وَلَيْسَ لِشَوْكَتِهِ حَرَارَةٌ فِي الرِّجْل، وَلَهُ بَرَمَةٌ طَيِّبَةُ الرِّيحِ، ليس فِي العِضاه أَكثر صَمْغًا مِنْهُ وَلَا أَضْخَمُ، وَلَا يَنْبُتُ الطَّلْحُ إِلا بأَرض غَلِيظَةٍ شَدِيدَةٍ خِصبَة، وَاحِدَتُهُ طَلْحَة، وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وجَمْعُها، عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، طلُوح كصَخْرة وصُخُور، وطِلاحٌ؛ قَالَ: شَبَّهُوهُ بقصْعَة وقِصاع يَعْنِي أَنَّ الْجَمْعَ الَّذِي هُوَ عَلَى فِعال إِنما هُوَ لِلْمَصْنُوعَاتِ كالجِرار والصِّحافِ، وَالِاسْمُ الدَّالُّ عَلَى الْجَمْعِ أَعني الَّذِي لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ إِلا هَاءُ التأْنيث إِنما هُوَ لِلْمَخْلُوقَاتِ نَحْوَ النَّخْلِ وَالتَّمْرِ، وإِن كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الحَيِّزَيْنِ دَاخِلًا عَلَى الْآخَرِ؛ قَالَ:
إِني زَعِيمٌ يَا نُوَيْقةُ، ... إِن نَجَوْتِ مِنَ الزَّوَاحْ
أَن تَهْبِطِينَ بلادَ قَوْمٍ، ... يَرْتَعُونَ مِنَ الطِّلاحْ
وأَن هَاهُنَا يَجُوزُ أَن تَكُونَ أَن النَّاصِبَةَ لِلِاسْمِ مُخَفَّفَةً مِنْهَا غَيْرَ أَنه أَولاها الْفِعْلَ بِلَا فَصْلٍ. وجمعُ الطَّلح أَطْلاحٌ. وأَرض طَلِحَة: كَثِيرَةُ الطَّلْح عَلَى النَّسَبِ.