للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرْدانُ: غُلَامٌ كَانَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَكَانَ حَصِيفاً، فَاسْتُشَارَهُ عَمْرٌو فِي أَمر عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وأَمر مَعَاوِيَةَ إِلى أَيهما يَذْهَبُ، فأَجابه وَرْدانُ بِمَا كَانَ فِي نَفْسِهِ، وَقَالَ لَهُ: الْآخِرَةُ مَعَ عَلِيٍّ وَالدُّنِيَا مَعَ مَعَاوِيَةَ وَمَا أُراك تَخْتَارُ عَلَى الدُّنِيَا، فَقَالَ عَمْرٌو هَذَا الْبَيْتَ؛ ومَن رَوَاهُ: وقَدْحَتَه؛ أَراد بِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي شَرْحِهِ مَا قُلْنَاهُ، وَقَالَ: القِدْحةُ اسْمُ الضَّرْبِ بالمِقْدَحَةِ، والقَدْحةُ المَرَّة، ضَرَبَهَا مَثَلًا لِاسْتِخْرَاجِهِ بِالنَّظَرِ حقيقةَ الأَمرِ. وَفِي حَدِيثِ

حُذَيْفَةَ: يَكُونُ عَلَيْكُمْ أَمير لَوْ قَدَحْتُموه بشعرةٍ أَوْرَيْتُموه

أَي لَوِ اسْتَخْرَجْتُمْ مَا عنده لظهر لضعفه كَمَا يَستخرِجُ القادحُ النَّارَ مِنَ الزَّند فيُوري؛ فأَما قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَ للناسِ قِدْحةَ ظُلْمة كَمَا جَعَلَ لَهُمْ قِدْحةَ نُورٍ

، فمشتقٌّ مِنِ اقْتِدَاحِ النَّارِ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِهِ: القِدْحةُ اسْمٌ مُشْتُقٌّ مِنِ اقْتُدَاحِ النَّارِ بالزَّنْد؛ قَالَ الأَزهري وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:

ولأَنْتَ أَطْيَشُ، حِينَ تَغْدُو سادِراً ... رَعِشَ الجَنانِ، مِنَ القَدُوحِ الأَقْدَحِ

فإِنه أَراد قَوْلَ الْعَرَبِ: هُوَ أَطيش مِنْ ذُباب؛ وَكُلُّ ذُباب أَقْدَحُ، وَلَا تَرَاهُ إِلا وكأَنه يَقْدَحُ بِيدَيْهِ؛ كَمَا قَالَ عَنْتَرَةُ:

هَزِجاً يَحُكُّ ذِراعَه بِذراعِه، ... قَدْحَ المُكِبِّ عَلَى الزِّنادِ الأَجْذَمِ

والقَدْحُ والقادحُ: أَكالٌ يَقَعُ فِي الشَّجَرِ والأَسنان. والقادحُ: العَفَنُ، وَكَلَاهُمَا صِفَةٌ غَالِبَةٌ. والقادحةُ: الدُّودَةُ الَّتِي تأْكل السِّنّ وَالشَّجَرَ؛ تَقُولُ: قَدْ أَسرعت فِي أَسنانه القَوادحُ؛ الأَصمعي: يُقَالُ وَقَعَ القادحُ فِي خَشَبَةِ بَيْتِهِ، يَعْنِي الآكِلَ؛ وَقَدْ قُدِحَ فِي السِّنِّ وَالشَّجَرَةِ، وقُدِحتا قَدْحاً، وقَدَح الدودُ فِي الأَسنان وَالشَّجَرِ قَدْحاً، وَهُوَ تَأَكُّل يَقَعُ فِيهِ. والقادحُ: الصَّدْعُ فِي العُود، والسَّوادُ الَّذِي يَظْهَرُ فِي الأَسنان؛ قَالَ جَمِيلٌ:

رَمَى اللهُ فِي عَيْنَيْ بُثَيْنَةَ بالقَذَى، ... وَفِي الغُرِّ مِنْ أَنيابها بالقَوادِحِ

وَيُقَالُ: عُود قَدْ قُدِحَ فِيهِ إِذا وَقَعَ فِيهِ القادحُ؛ وَيُقَالُ فِي مَثَل: صَدَقَني وَسْمُ قِدْحِه أَي قَالَ الحَقَّ؛ قَالَهُ أَبو زَيْدٍ. وَيَقُولُونَ: أَبْصِرْ وَسْمَ قِدْحِك أَي اعرِف نَفْسَك؛ وأَنشد:

ولكنْ رَهْطُ أُمِّكَ مِنْ شُيَيْمٍ، ... فأَبْصِرْ وَسْم قِدْحِكَ فِي القِداحِ

وقَدَحَ فِي عِرْض أَخيه يَقْدَحُ قَدْحاً: عَابَهُ. وقَدَحَ فِي ساقِ أَخيه: غَشَّه وعَمِلَ فِي شَيْءٍ يَكَرَهُهُ. الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: تَقُولُ فُلَانٌ يَفُتُّ فِي عَضُدِ فُلَانٍ ويَقْدَحُ فِي ساقِه؛ قَالَ: والعَضُدُ أَهل بَيْتِهِ، وساقُه: نَفْسُهُ. والقَديحُ: مَا يبقَى فِي أَسفل القِدْرِ فيُغْرَفُ بجَهْد؛ وَفِي حَدِيثِ

أُم زَرْعٍ: تَقْدَحُ قِدْراً وتَنْصِبُ أُخرى

أَي تَغْرِفُ؛ يُقَالُ: قَدَحَ القِدْرَ إِذا غَرَفَ مَا فِيهَا؛ وَفِي حَدِيثِ

جَابِرٍ: ثُمَّ قَالَ ادْعِي خابِزَةً فلْتَخْبِزْ مَعَكِ واقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكِ

أَي اغْرِفي. وقَدَحَ مَا فِي أَسفل القِدْرِ يَقْدَحُه قَدْحاً، فَهُوَ مَقْدُوحٌ وقَديحٌ، إِذا غَرَفَه بجَهْدٍ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيانيّ:

يَظَلُّ الإِماءُ يَبْتَدِرْنَ قَديحَها، ... كَمَا ابْتَدَرَتْ كلبٌ مِياهَ قَراقِرِ

وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: فظَلَّ الإِماءُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ يَظَلُّ، بِالْيَاءِ كَمَا أَوردناه؛ وَقَبْلَهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>