للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبَصَرِ. يُقَالُ: أَقْمَحه الغُلّ إِذا تَرَكَهُ مَرْفُوعًا مِنْ ضِيقِهِ. وَقِيلَ: للكانونَيْنِ شُهِرَا قُماح [قِماح] لأَن الإِبل إِذا وَرَدَتِ الْمَاءَ فِيهِمَا تَرْفَعُ رؤُوسها لِشِدَّةِ بَرْدِهِ؛ قَالَ: وَقَوْلُهُ [فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ] هِيَ كِنَايَةٌ عَنِ الأَيدي لَا عَنِ الأَعناق، لأَن الغُلَّ يَجْعَلُ اليدَ تَلِي الذَّقَنَ والعُنُقَ، وَهُوَ مُقَارِبٌ لِلذَّقَنِ. قَالَ الأَزهري: وأَراد عَزَّ وَجَلَّ، أَن أَيديهم لَمَّا غُلَّتْ عِنْدَ أَعناقهم رَفَعَت الأَغلالُ أَذقانَهم ورؤُوسَهم صُعُداً كالإِبل الرافعة رؤوسها. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ فِي مَثَلٍ: الظَّمَأُ القامِح خَيْرٌ مِنَ الرِّيِّ الْفَاضِحِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا خِلَافُ مَا سَمِعْنَاهُ مِنَ الْعَرَبِ، وَالْمَسْمُوعُ مِنْهُمْ: الظمأُ الْفَادِحُ خَيْرٌ مِنَ الرِّيِّ الْفَاضِحِ؛ وَمَعْنَاهُ العطشُ الشَّاقُّ خَيْرٌ مِنْ رِيٍّ يفْضَحُ صَاحِبِهِ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِ أُمِّ زَرْعٍ: وَعِنْدَهُ أَقول فَلَا أُقَبَّحُ وأَشرب فأَتَقَمَّحُ أَي أَرْوَى حَتَّى أَدَعَ الشربَ؛ أَرادت أَنها تَشْرَبُ حَتَّى تَرْوَى وتَرْفَعَ رأْسَها؛ وَيُرْوَى بِالنُّونِ. قَالَ الأَزهري: وأَصل التَّقَمُّح فِي الْمَاءِ، فَاسْتَعَارَتْهُ لِلَّبَنِ. أَرادت أَنها تَرْوَى مِنَ اللَّبَنِ حَتَّى تَرْفَعَ رأْسها عَنْ شُرْبِهِ كَمَا يَفْعَلُ الْبَعِيرُ إِذا كَرِهَ شُرْبَ الْمَاءِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: إِن فُلَانًا لَقَمُوحٌ لِلنَّبِيذِ أَي شَرُوب لَهُ وإِنه لَقَحُوفٌ لِلنَّبِيذِ. وَقَدْ قَمِحَ الشرابَ وَالنَّبِيذَ وَالْمَاءَ وَاللَّبَنَ واقْتَمَحه؛ وَهُوَ شُرْبُهُ إِياه؛ وقَمِحَ السويقَ قَمحاً، وأَما الْخُبْزُ وَالتَّمْرُ فَلَا يُقَالُ فِيهِمَا قَمِحَ إِنما يُقَالُ القَمْحُ فِيمَا يُسَفُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ إِذا اشْتَكَى تَقَمَّحَ كَفًّا مِنْ حَبَّة السَّوْدَاءِ.

يُقَالُ: قَمِحْتُ السويقَ، بِكَسْرِ الْمِيمِ «١»، إِذا اسْتَفَفْتَهُ. والقِمْحَى والقِمْحاة: الفَيْشة «٢».

قنح: قَنَحَ يَقْنَحُ قَنْحاً، وتَقَنَّح: تكارَه عَلَى الشَّرَابِ بَعْدَ الرِّيِّ، والأَخيرة أَعلى. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَنَح مِنَ الشَّرَابِ يَقْنَح قَنْحاً: تَمَزَّزه. الأَزهري: تَقَنَّحْتُ مِنَ الشَّرَابِ تَقَنُّحاً، قَالَ: وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى كَلَامِهِمْ؛ وَقَالَ أَبو الصَّقْر: قَنَحْتُ أَقْنَحُ قَنْحاً. وَفِي حَدِيثِ

أُم زَرْعٍ: وَعِنْدَهُ أَقول فَلَا أُقَبَّحُ وأَشربُ فأَتَقَنَّح

أَي أَقطع الشُّرْبَ وأَتَمَهَّلُ فِيهِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الشُّرْبُ بَعْدَ الرِّيِّ؛ قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبا عُبَيْدٍ يسأَل أَبا عَبْدِ اللَّهِ الطُّوال النحويَّ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهَا فأَتَقَنَّحُ، فَقَالَ أَبو عَبْدِ اللَّهِ: أَظنها تُرِيدُ أَشرب قَلِيلًا قَلِيلًا؛ قَالَ شَمِرٌ: فَقُلْتُ لَيْسَ التَّفْسِيرُ هَكَذَا، وَلَكِنَّ التَّقَنُّح أَن تشْرَبَ فوقَ الرِّيِّ، وَهُوَ حرفٌ رُوِيَ عَنْ أَبي زَيْدٍ. قَالَ الأَزهري: وَهُوَ كَمَا قَالَ شَمِرٌ، وَهُوَ التَّقَنُّح والتَّرَنُّح، سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ أَعراب بَنِي أَسد. وقَنَحَ العُودَ وَالْغُصْنَ يَقْنَحُه قَنْحاً إِذا عَطَفَهُ حَتَّى يَصِيرَ كالصَّوْلجانِ، وَهُوَ القُنَّاحُ والقُنَّاحةُ. والقِنْحُ: اتِّخَاذُكَ قُنَّاحة تشُدُّ بِهَا عِضادَة بَابِكَ وَنَحْوَهَا، وَتُسَمِّيهَا الفُرْسُ: قَانِهْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ صاحبُ الْعَيْنِ وَلَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ لأَن تَعْبِيرَهُ عَنْهُ لَيْسَ بِحَسَنٍ، قَالَ: وَعِنْدِي أَن القِنْح هَاهُنَا لُغَةٌ فِي القُنَّاح. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لدَرَوَنْدِ الْبَابِ النِّجافُ والنَّجْرانُ، ولمِتْرَسِه القُنَّاحُ، وَلِعَتَبَتِهِ النَّهْضةُ. الأَزهري: قنَحْتُ البابَ قَنْحاً، فَهُوَ مَقْنوح، وَهُوَ أَن تَنْحَتَ خَشَبَةً ثُمَّ ترفعَ البابَ بِهَا؛ تَقُولُ للنَّجار: اقْنَحْ بابَ دَارِنَا فَيَصْنَعُ ذَلِكَ، وَتِلْكَ الْخَشَبَةُ هِيَ القُنَّاحة؛ وَكَذَلِكَ كُلُّ خَشَبَةٍ تُدْخِلُها تَحْتَ أُخرى لِتُحَرِّكَهَا. الْجَوْهَرِيُّ: القُنَّاحة، بِالضَّمِّ مشدَّدة، مِفْتَاحٌ مُعْوَجٌّ طَوِيلٌ. وقَنَّحتُ البابَ إِذا أَصلحتَ ذَلِكَ عليه.


(١). قوله [بكسر الميم] وبابه سمع كما في القاموس.
(٢). زاد في القاموس القمحانة، بالكسر: ما بين القمحدوة إِلى نقرة القفا. وقمحه تقميحاً: دفعه بالقليل عن كثير يجب له انتهى. زاد في الأَساس كما يفعل الأمير الظالم بمن يغزو معه يرضخه أَدنى شيء ويستأثر عليه بالغنيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>