للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنه قال: المسيح بن مَرْيَمَ الصِّدِّيق

، وضدُّ الصِّدِّيق المسيحُ الدجالُ أَي الضِّلِّيلُ الْكَذَّابُ. خَلَقَ اللَّهُ المَسِيحَيْنِ: أَحدهما ضِدُّ الْآخَرِ، فَكَانَ المسِيحُ بْنُ مَرْيَمَ يُبْرِئُ الأَكمه والأَبرص وَيُحْيِي الْمَوْتَى بإِذن اللَّهِ، وَكَذَلِكَ الدَّجَّالُ يُحْيي الميتَ ويُمِيتُ الحَيَّ ويُنْشِئُ السحابَ ويُنْبِتُ النباتَ بإِذن اللَّهِ، فَهُمَا مَسِيحَانِ: مَسِيحُ الهُدَى وَمَسِيحُ الضَّلَالَةِ؛ قَالَ المُنْذِرِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ بَلَغَنِي أَن عِيسَى إِنما سُمِّيَ مَسِيحًا لأَنه مُسِحَ بِالْبَرَكَةِ، وَسُمِّيَ الدَّجَّالُ مَسِيحًا لأَنه مَمْسُوحُ الْعَيْنِ، فأَنكره، وَقَالَ: إِنما المسِيحُ ضدُّ المسِيحِ؛ يُقَالُ: مَسَحَهُ اللَّهُ أَي خَلَقَهُ خَلْقًا مُبَارَكًا حَسَنًا، وَمَسْحَهُ اللَّهُ أَي خَلَقَهُ خَلْقًا قَبِيحًا مَلْعُونًا. والمسِيحُ: الْكَذَّابُ؛ ماسِحٌ ومِسِّيحٌ ومِمْسَحٌ وتِمْسَحٌ؛ وأَنشد:

إِني، إِذا عَنَّ مِعَنٌّ مِتْيَحُ ... ذَا نَخْوَةٍ أَو جَدَلٍ، بَلَنْدَحُ،

أَو كَيْذُبانٌ مَلَذانٌ مِمْسَحُ

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَمَّا مَسِيحُ الضَّلَالَةِ فَكَذَا

؛ فدلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَن عِيسَى مَسِيحُ الهُدَى وأَن الدجَّال مَسِيحُ الضَّلَالَةِ. وَرَوَى بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ: المِسِّيح، بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالتَّشْدِيدِ، فِي الدجَّال بِوَزْنِ سِكِّيتٍ. قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: إِنه الَّذِي مُسِحَ خَلْقُه أَي شُوِّه، قَالَ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَرُوِيَ عَنِ

ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَراني اللهُ رَجُلًا عِنْدَ الْكَعْبَةِ آدَمَ كأَحْسَنِ مَنْ رأَيتُ، فَقِيلَ لِي: هو المسيح بن مَرْيَمَ، قَالَ: وإِذا أَنا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطِطٍ أَعور الْعَيْنِ الْيُمْنَى كأَنها عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، فسأَلت عَنْهُ فَقِيلَ: المِسِّيحُ الدجَّال

؛ عَلَى فِعِّيل. والأَمْسَحُ مِنَ الأَرض: الْمُسْتَوِي؛ وَالْجَمْعُ الأَماسِح؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الأَمْسَحُ مِنَ الْمَفَاوِزِ كالأَمْلَسِ، وَجَمْعُ المَسْحاء مِنَ الأَرض مَساحي؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المَسْحاء أَرض حَمْرَاءُ والوحْفاء السَّوْدَاءُ؛ ابْنُ سِيدَهْ: والمَسْحاء الأَرض الْمُسْتَوِيَةُ ذاتُ الحَصَى الصِّغارِ لَا نَبَاتَ فِيهَا، وَالْجَمْعُ مِساحٌ ومسَاحِي «١»، غَلَبَ فكُسِّرَ تَكْسِيرَ الأَسماء؛ وَمَكَانٌ أَمْسَحُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ مَرَرْتُ بخَرِيق مِنَ الأَرض بَيْنَ مَسْحاوَيْنِ؛ والخَرِيقُ: الأَرض الَّتِي تَوَسَّطَها النباتُ؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: المَسْحاء قِطْعَةٌ مِنَ الأَرض مُسْتَوِيَةٌ جَرْداء كَثِيرَةُ الحَصَى لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ وَلَا تَنْبُتُ غَلِيظَةٌ جَلَدٌ تَضْرِبُ إِلى الصَّلَابَةِ، مِثْلَ صَرْحة المِرْبَدِ لَيْسَتْ بقُفٍّ وَلَا سَهْلة؛ وَمَكَانٌ أَمْسَحُ. والمَسِيحُ: الْكَثِيرُ الْجِمَاعِ وَكَذَلِكَ الماسِحُ. والمِساحةُ: ذَرْعُ الأَرض؛ يُقَالُ: مَسَحَ يَمْسَحُ مَسْحاً. ومَسَحَ الأَرضَ مِساحة أَي ذَرَعَها. ومَسَحَ المرأَة يَمْسَحُها مَسْحاً ومَتَنَها مَتْناً: نَكَحَهَا. ومَسَحَ عُنُقَه وَبِهَا يَمْسَحُ مَسْحاً: ضَرَبَهَا، وَقِيلَ: قَطَعَهَا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ

؛ يُفَسَّرُ بِهِمَا جَمِيعًا. وَرَوَى الأَزهري عَنْ ثَعْلَبٍ أَنه قِيلَ لَهُ: قَالَ قُطْرُبٌ يَمْسَحُها يَنْزِلُ عَلَيْهَا، فأَنكره أَبو الْعَبَّاسِ وَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، قِيلَ لَهُ: فإِيْش هُوَ عِنْدَكَ؟ فَقَالَ: قَالَ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ: يَضْرِبُ أَعناقَها وسُوقَها لأَنها كَانَتْ سَبَبَ ذَنْبِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ الزَّجَّاجُ وَقَالَ: لَمْ يَضْرِبْ سُوقَها وَلَا أَعناقَها إِلَّا وَقَدْ أَباح اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ، لأَنه لَا يَجْعَلُ التَّوْبَةَ مِنَ الذَّنْبِ بِذَنْبٍ عَظِيمٍ؛ قَالَ: وَقَالَ قَوْمٌ إِنه مَسَحَ أَعناقَها وَسُوقَهَا بِالْمَاءِ بِيَدِهِ، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ يُشْبِه شَغْلَها


(١). قوله [والجمع مساح ومساحي] كذا بالأَصل مضبوطاً ومقتضى قوله غلب فكسر إلخ أَنْ يَكُونَ جَمْعُهُ عَلَى مساحي ومساحَى، بفتح الحاء وكسرها كما قال ابن مالك وبالفعالي والفعالى جمعا صحراء والعذراء إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>