للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: المُسْلِمُونَ تَتَكافَأُ دِماؤُهم.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُرِيدُ تَتساوَى فِي الدِّياتِ والقِصاصِ، فَلَيْسَ لشَرِيف عَلَى وَضِيعٍ فَضْلٌ فِي ذَلِكَ. وَفُلَانٌ كُفْءُ فلانةَ إِذَا كَانَ يَصْلُح لَهَا بَعْلًا، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ: أَكْفَاء. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف للكَفْءِ جَمْعًا عَلَى أَفْعُلٍ وَلَا فُعُولٍ. وحَرِيٌّ أَن يَسَعَه ذَلِكَ، أَعني أَن يَكُونَ أَكْفَاء جمعَ كَفْءٍ، المفتوحِ الأَول أَيضاً. وَشَاتَانِ مُكافَأَتانِ: مُشْتَبِهتانِ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي حَدِيثِ العَقِيقةِ عَنِ الْغُلَامِ:

شاتانِ مُكافِئَتانِ

أَي مُتَساوِيَتانِ فِي السِّنِّ أَي لَا يُعَقُّ عَنْهُ إِلَّا بمُسِنَّةٍ، وأَقلُّه أَن يَكُونَ جَذَعاً، كَمَا يُجْزِئُ فِي الضَحايا. وَقِيلَ: مُكافِئَتانِ أَي مُسْتوِيتانِ أَو مُتقارِبتانِ. وَاخْتَارَ الخَطَّابِيُّ الأَوَّلَ، قَالَ: وَاللَّفْظَةُ مُكافِئَتانِ، بِكَسْرِ الْفَاءِ، يُقَالُ: كافَأَه يُكافِئهُ فَهُوَ مُكافِئهُ أَي مُساوِيه. قَالَ: والمحدِّثون يَقُولُونَ مُكافَأَتَانِ، بِالْفَتْحِ. قَالَ: وأَرى الْفَتْحَ أَولى لإِنه يُرِيدُ شَاتَيْنِ قَدْ سُوِّيَ بَيْنَهُمَا أَي مُساوًى بَيْنَهُمَا. قَالَ: وأَما بِالْكَسْرِ فَمَعْنَاهُ أَنهما مُساوِيتَان، فيُحتاجُ أَن يَذْكُرَ أَيَّ شَيْءٍ ساوَيَا، وإِنما لَوْ قَالَ مُتكافِئتان كَانَ الْكَسْرُ أَولى. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَا فَرْق بَيْنَ المكافِئَتيْنِ والمُكافَأَتَيْنِ، لأَن كُلَّ وَاحِدَةٍ إِذَا كافَأَتْ أُختَها فَقَدْ كُوفِئَتْ، فَهِيَ مُكافِئة ومُكافَأَة، أَو يَكُونُ مَعْنَاهُ: مُعَادَلَتانِ، لِما يَجِبُ فِي الزَّكَاةِ والأُضْحِيَّة مِنَ الأَسنان. قَالَ: وَيَحْتَمِلُ مَعَ الْفَتْحِ أَن يُرَادَ مَذْبُوحَتان، مَنْ كافَأَ الرجلُ بَيْنَ الْبَعِيرَيْنِ إِذَا نَحَرَ هَذَا ثُمَّ هَذَا مَعاً مِنْ غَيْرِ تَفْريق؛ كأَنه يُرِيدُ شَاتَيْنِ يَذْبحهما فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. وَقِيلَ: تُذْبَحُ إِحداهما مُقابلة الأُخرى، وكلُّ شيءٍ ساوَى شَيْئًا، حَتَّى يَكُونَ مِثْلَهُ، فَهُوَ مُكافِئٌ لَهُ. والمكافَأَةُ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ هَذَا. يُقَالُ: كافَأْتُ الرجلَ أَي فَعَلْتُ بِهِ مثلَ مَا فَعَلَ بِي. وَمِنْهُ الكُفْءُ مِنَ الرِّجال للمرأَة، تَقُولُ: إِنه مِثْلُهَا فِي حَسَبها. وأَما

قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسْأَلِ المرأَةُ طَلاقَ أُختها لتَكْتَفِئَ مَا فِي صَحْفَتها فإِنما لَهَا مَا كُتِبَ لَهَا.

فَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لِتَكْتَفِئَ: تَفتَعِلُ، مِنْ كَفَأْتُ القِدْرَ وَغَيْرَهَا إِذَا كَبَبْتها لتُفْرِغَ مَا فِيهَا؛ والصَّحْفةُ: القَصْعةُ. وَهَذَا مَثَلٌ لإِمالةِ الضَّرَّةِ حَقَّ صاحِبَتها مِنْ زَوْجِهَا إِلَى نَفْسِها إِذَا سأَلت طلاقَها ليَصِير حَقُّ الأُخرى كلُّه مِنْ زوجِها لَهَا. وَيُقَالُ: كافَأَ الرجلُ بَيْنَ فَارِسَيْنِ برُمْحِه إِذَا والَى بَيْنَهُمَا فَطَعَنَ هَذَا ثُمَّ هَذَا. قَالَ الْكُمَيْتُ:

نَحْر المُكافِئِ، والمَكْثُورُ يَهْتَبِلُ

والمَكْثُورُ: الَّذِي غَلَبه الأَقْرانُ بِكَثْرَتِهِمْ. يهْتَبلُ: يَحْتالُ لِلْخَلَاصِ. وَيُقَالُ: بَنَى فُلَانٌ ظُلَّةً يُكافِئُ بِهَا عينَ الشمسِ ليَتَّقيَ حَرَّها.

قَالَ أَبو ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي حَدِيثِهِ: وَلَنَا عَباءَتانِ نُكافِئُ بِهِمَا عَنَّا عَيْنَ الشمسِ أَي نُقابِلُ بِهِمَا الشمسَ ونُدافِعُ، مِنَ المُكافَأَة: المُقاوَمة، وإنِّي لأَخشَى فَضْلَ الحِساب.

وكَفَأَ الشيءَ والإِنَاءَ يَكْفَؤُه كَفْأً وكَفَّأَهُ فَتَكَفَّأَ، وَهُوَ مَكْفُوءٌ، واكْتَفَأَه مِثْلُ كَفَأَه: قَلَبَه. قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:

وكأَنَّ ظُعْنَهُم، غَداةَ تَحَمَّلُوا، ... سُفُنٌ تَكَفَّأُ فِي خَلِيجٍ مُغْرَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>