أَحد القِداح الأَربعة الَّتِي لَيْسَ لَهَا غُنْم وَلَا غُرْم: أَوّلها المُصَدَّرُ ثُمَّ المُضَعَّفُ ثُمَّ المَنِيح ثُمَّ السَّفِيح. قَالَ: والمَنِيح أَيضاً قِدْحُ مِنْ أَقداح الْمَيِسِرِ يُؤْثَرُ بِفَوْزِهِ فَيُسْتَعَارُ يُتَيَمَّنُ بِفَوْزِهِ. والمَنِيح الأَوّل: مِنْ لَغْوِ القِداح، وَهُوَ اسْمٌ لَهُ، والمَنِيحُ الثَّانِي الْمُسْتَعَارُ؛ وأَما حَدِيثُ
جَابِرٍ: كنتُ مَنِيحَ أَصحابي يَوْمَ بَدْرٍ
فَمَعْنَاهُ أَي لَمْ أَكن مِمَّنْ يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمٍ مَعَ الْمُجَاهِدِينَ لِصِغَرِي فَكُنْتُ بِمَنْزِلَةِ السَّهْمِ اللَّغْوِ الَّذِي لَا فَوْزَ لَهُ وَلَا خُسْرَ عَلَيْهِ؛ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ مُقْبل القِدْحَ الْمُسْتَعَارَ الَّذِي يُتَبَرَّكُ بِفَوْزِهِ:
إِذا امْتَنَحَتْه مِنْ مَعَدٍّ عِصابةٌ، ... غَدا رَبُّه، قَبْلَ المُفِيضِينَ، يَقْدَحُ
يَقُولُ: إِذا اسْتَعَارُوا هَذَا القِدْحَ غَدًا صاحبُه يَقْدَحُ النارَ لثِقَتِه بِفَوْزِهِ وَهَذَا هُوَ المَنِيحُ الْمُسْتَعَارُ؛ وأَما قَوْلُهُ:
فمَهْلًا يَا قُضاعُ، فَلَا تكونِي ... مَنِيحاً فِي قِداحِ يَدَيْ مُجِيلِ
فإِنه أَراد بِالْمَنِيحِ الَّذِي لَا غُنْمَ لَهُ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والمَنِيحُ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْمَيْسِرِ مِمَّا لَا نَصِيبَ لَهُ إِلَّا أَن يُمْنَحَ صاحبُه شَيْئًا. والمَنُوحُ والمُمانِحُ مِنَ النُّوقِ مِثْلُ المُجالِح: وَهِيَ الَّتِي تَدِرُّ فِي الشِّتَاءِ بعد ما تَذْهَبُ أَلبانُ الإِبل، بِغَيْرِ هَاءٍ؛ وَقَدْ مانَحَتْ مِناحاً ومُمانَحةً، وَكَذَلِكَ مانَحَتِ العينُ إِذا سالتْ دموعُها فَلَمْ تَنْقَطِعْ. والمُمانِحُ مِنَ الْمَطَرِ: الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمُمانِحُ مِنَ الإِبل الَّتِي يُبْقَى لَبَنُهَا بعد ما تَذْهَبُ أَلبان الإِبل، وَقَدْ سمَّت مانِحاً ومَنَّاحاً ومَنِيحاً؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَهْجُو طَيِّئاً:
ونحنُ قَتَلْنا بالمَنِيحِ أَخاكُمُ ... وَكِيعاً، وَلَا يُوفي مِنَ الفَرَسِ البَغْلُ
أَدخل الأَلف وَاللَّامَ فِي الْمَنِيحِ وإِن كَانَ عَلَمًا لأَن أَصله الصِّفَةُ؛ والمَنِيحُ هُنَا: رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسد مِنْ بَنِي مَالِكٍ. والمَنِيحُ: فَرَسُ قَيْسِ بْنِ مَسْعُودٍ. والمَنِيحةُ: فرسِ دِثَارِ بْنِ فَقْعَس الأَسَدِيّ.
ميح: ماحَ فِي مِشْيته يَمِيحُ مَيْحاً ومَيْحُوحة: تَبَخْتر، وَهُوَ ضَرْبٌ حَسَنٌ مِنَ الْمَشْيِ فِي رَهْوَجة حَسَنةٍ، وَهُوَ مَشْيٌ كَمَشْيِ البَطَّة؛ وامرأَة مَيَّاحة؛ قَالَ:
مَيَّاحة تَمِيحُ مَشْياً رَهْوَجا
والمَيْحُ: مَشْيُ الْبَطَّةِ، قَالَ:
صادَتْكَ بالأُنْسِ وبالتَّمَيُّحِ
التَّهْذِيبُ: الْبَطَّةُ مَشْيُها المَيْحُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مِنْ كلِّ مَيَّاحٍ تَراه هَيْكَلا، ... أَرْجَلَ خِنْذِيذٍ وعينٍ أَرْجَلا
وتَمايَح السكرانُ والغصنُ: تَمَايَلَ. وماحَتِ الريحُ الشجرةَ: أَمالتها؛ قَالَ المَرَّارُ الأَسَدِيُّ:
كَمَا ماحَتْ مُزَعْزِعَةٌ بغِيلٍ، ... يَكادُ ببعضِه بعضٌ يَمِيلُ
وتَمَيَّح الغصنُ: تَمَيَّلَ يَمِينًا وَشِمَالًا. والمَيْحُ: أَن يَدْخُلَ الْبِئْرَ فيملأَ الدَّلْوَ، وَذَلِكَ إِذا قَلَّ مَاؤُهَا؛ وَرَجُلٌ مائحٌ مِنْ قَوْمٍ مَاحَةٍ، الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: المَيْحُ فِي الِاسْتِقَاءِ أَن يَنْزِلَ الرجلُ إِلى قَرَارِ الْبِئْرُ إِذا قَلَّ مَاؤُهَا، فَيَمْلَأَ الدَّلْوَ بِيَدِهِ يَميحُ فِيهَا بِيَدِهِ ويَميحُ أَصحابه، وَالْجَمْعُ مَاحَةٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: أَنهم وَرَدُوا بِئْرًا ذَمَّةً
أَي قَلِيلًا مَاؤُهَا، قَالَ: فَنَزَلْنَا فِيهَا سِتَّةً