فِي الْخَفْضِ، يُتْبِعُهَا الْهَمْزَ عَلَى حَدِّ مَا يُتْبِعُون الرَّاء إِيَّاهَا إِذَا أَدخلوا أَلف الْوَصْلِ فَقَالُوا امْرُؤٌ. وَقَوْلُ أَبي خِراش:
جَمَعْتَ أُمُوراً، يُنْفِذُ المِرْءَ بَعْضُها، ... مِنَ الحِلْمِ والمَعْرُوفِ والحَسَبِ الضَّخْمِ
هَكَذَا رَوَاهُ السُّكَّرِيُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَزَعْمَ أَن ذَلِكَ لُغَةُ هُذَيْلٍ. وَهُمَا مِرْآنِ صالِحان، وَلَا يُكَسَّرُ هَذَا الِاسْمُ وَلَا يُجْمَعُ عَلَى لَفْظِهِ، وَلَا يُجْمَع جَمْع السَّلامة، لَا يُقَالُ أَمْراءٌ وَلَا أَمْرُؤٌ وَلَا مَرْؤُونَ وَلَا أَمارِئُ. وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: أَحْسِنُوا ملأَكُمْ أَيها المَرْؤُونَ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ جَمْعُ المَرْءِ، وَهُوَ الرَّجل. وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبةَ لِطائفةٍ رَآهم: أَيْنَ يُرِيد المَرْؤُونَ؟ وَقَدْ أَنَّثوا فَقَالُوا: مَرْأَةٌ، وخَفَّفوا التَّخْفِيفَ الْقِيَاسِيَّ فَقَالُوا: مَرَةٌ، بِتَرْكِ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الراءِ، وَهَذَا مطَّرد. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَدْ قَالُوا: مَراةٌ، وَذَلِكَ قَلِيلٌ، وَنَظِيرُهُ كَمَاةٌ. قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَلَيْسَ بمُطَّرِد كأَنهم تَوَهَّمُوا حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ عَلَى الرَّاءِ، فَبَقِيَ مَرَأْةً، ثُمَّ خُفِّف عَلَى هَذَا اللَّفْظِ. وأَلحقوا أَلف الْوَصْلِ فِي المؤَنث أَيضاً، فَقَالُوا: امْرأَةٌ، فَإِذَا عرَّفوها قَالُوا: المَرأة. وَقَدْ حَكَى أَبو عَلِيٍّ: الامْرَأَة. اللَّيْثُ: امْرَأَةٌ تأْنيث امْرِئٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: الأَلف فِي امْرأةٍ وامْرِئٍ أَلف وَصْلٍ. قَالَ: وَلِلْعَرَبِ فِي المَرأَةِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ، يُقَالُ: هِيَ امْرَأَتُه وَهِيَ مَرْأَتُه وَهِيَ مَرَتُه. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَنه يُقَالُ للمرأَة إِنَّهَا لَامْرُؤُ صِدْقٍ كالرَّجل، قَالَ: وَهَذَا نَادِرٌ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ، كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ، لَمَّا تَزَوَّج فاطِمَة، رِضْوانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا: قَالَ لَهُ يَهُودِيٌّ، أَراد أَن يَبْتَاعَ مِنْهُ ثِياباً، لَقَدْ تَزَوَّجْتَ امْرأَةً
، يُرِيد امْرَأَةً كامِلةً، كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ رَجُلٌ، أَي كامِلٌ فِي الرِّجال. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَقْتُلُون كَلْبَ المُرَيْئةِ
؛ هِيَ تَصْغِيرُ المرأَة. وَفِي الصِّحَاحِ: إِنْ جِئْتَ بأَلف الْوَصْلِ كَانَ فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: فَتْحُ الراءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، حَكَاهَا الفرَّاءُ، وَضَمُّهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِعْرَابُهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ. تقول: هذا امْرُؤٌ ورأَيت امْرَأً وَمَرَرْتُ بامْرِئٍ، معرَباً مِنْ مَكَانَيْنِ، وَلَا جَمْعَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: فِي النَّصْبِ تَقُولُ: هذا امْرَؤٌ ورأَيت امْرَأً وَمَرَرْتُ بامْرَئٍ، وَفِي الرَّفْعِ تقول: هذا امْرُؤٌ ورأَيت امْرُأً وَمَرَرْتُ بامْرُئٍ، وَتَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَةٌ، مَفْتُوحَةُ الراءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. قَالَ الْكِسَائِيُّ والفرَّاءُ: امْرُؤٌ مُعْرَبٌ مِنَ الراءِ وَالْهَمْزَةِ، وَإِنَّمَا أُعرب مِنْ مَكَانَيْنِ، والإِعراب الْوَاحِدُ يَكْفِي مِنَ الإِعرابين، أَن آخِرَهُ هَمْزَةٌ، وَالْهَمْزَةُ قَدْ تُتْرَكُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْكَلَامِ، فَكَرِهُوا أَن يَفْتَحُوا الراءَ وَيَتْرُكُوا الْهَمْزَةَ، فَيَقُولُونَ: امْرَوْ، فَتَكُونُ الرَّاءُ مَفْتُوحَةً وَالْوَاوُ سَاكِنَةً، فَلَا يَكُونُ، فِي الْكَلِمَةِ، علامةٌ لِلرَّفْعِ، فَعَرَّبوه مِنَ الراءِ لِيَكُونُوا، إِذَا تَرَكُوا الْهَمْزَةَ، آمِنين مِنْ سُقوط الإِعْراب. قَالَ الفرَّاءُ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُعْرِبُهُ مِنَ الْهَمْزِ وَحْدَه ويَدَعُ الراءَ مَفْتُوحَةً، فَيَقُولُ: قَامَ امرَؤٌ وَضَرَبْتُ امْرَأً وَمَرَرْتُ بامْرَئٍ، وأَنشد:
بِأَبْيَ امْرَؤٌ، والشامُ بَيْنِي وبَينَه، ... أَتَتْنِي، بِبُشْرَى، بُرْدُه ورَسائِلُهْ
وَقَالَ آخَرُ:
أَنتَ امْرَؤٌ مِن خِيار الناسِ، قَدْ عَلِمُوا، ... يُعْطِي الجَزيلَ، ويُعْطَى الحَمْدَ بالثَّمنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute