للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسُود جعاد الرقابِ، ... مثْلَهُمُ يرهَبُ الراهِبُ «١»

. عَنَى مَنْ أَسرت هُذَيْلُ مِنَ الْحَبَشَةِ أَصحاب الْفِيلِ، وَجَمْعُ السَّلَامَةِ فِيهِ أَكثر. والجَعْد مِنَ الرِّجَالِ: الْمُجْتَمِعُ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ، وَالسَّبْطُ: الَّذِي لَيْسَ بِمُجْتَمِعٍ، وأَنشد:

قَالَتْ سُلَيْمَى: لَا أُحب الجَعْدِين، ... وَلَا السِّباطَ، إِنهم مَناتِين

وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لفُرعان التَّمِيمِيِّ فِي ابْنِهِ مَنازل حِينَ عَقَّهُ:

وربَّيْتُه حَتَّى إِذا مَا تركتُه ... أَخا الْقَوْمِ، وَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَسْحِ شاربُه

وبالمَحْض حَتَّى آضَ جَعْداً عَنَطْنَطاً، ... إِذا قَامَ سَاوَى غاربَ الفَحْل غارِبُه

فَجَعَلَهُ جَعْدًا، وَهُوَ طَوِيلٌ عَنَطْنَطٌ؛ وَقِيلَ: الجَعْدُ الْخَفِيفُ مِنَ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُجْتَمِعُ الشَّدِيدُ؛ وأَنشد بَيْتَ طَرَفَةَ:

أَنا الرجلُ الجَعْدُ الَّذِي تَعْرِفُونَهُ «٢»

. وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:

يَا رُبَّ جَعْدٍ فيهمُ، لَوْ تَدْرِينْ، ... يَضْرِبُ ضَرْبَ السّبطِ المقادِيمْ

قَالَ الأَزهري: إِذا كَانَ الرَّجُلُ مداخَلًا مُدْمَج الْخَلْقِ أَي مَعْصُوبًا فَهُوَ أَشد لأَسره وأَخف إِلى مُنَازَلَةِ الأَقران، وإِذا اضْطَرَبَ خَلْقَهُ وأَفرط فِي طُولِهِ فَهُوَ إِلى الاسترخاءِ مَا هُوَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

عَلَى نَاقَةٍ جَعْدة

أَي مُجْتَمِعَةِ الْخَلْقِ شَدِيدَةٍ. والجَعْد إِذا ذَهَبَ بِهِ مَذْهَبَ الْمَدْحِ فَلَهُ مَعْنَيَانِ مُسْتَحَبَّانِ: أَحدهما أَن يَكُونَ مَعْصُوبَ الْجَوَارِحِ شَدِيدَ الأَسر وَالْخَلْقِ غَيْرَ مُسْتَرْخٍ وَلَا مُضْطَرِبٍ، وَالثَّانِي أَن يَكُونَ شَعْرُهُ جَعْدًا غَيْرَ سَبْطٍ لأَن سُبُوطَةَ الشَّعْرِ هِيَ الْغَالِبَةُ عَلَى شُعُورِ الْعَجَمِ مِنَ الرُّومِ وَالْفُرْسِ، وجُعودة الشَّعْرِ هِيَ الْغَالِبَةُ عَلَى شُعُورِ الْعَرَبِ، فإِذا مُدِحَ الرَّجُلُ بِالْجَعْدِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ. وأَما الْجَعْدُ الْمَذْمُومُ فَلَهُ أَيضاً مَعْنَيَانِ كِلَاهُمَا مَنْفِيٌّ عَمَّنْ يُمْدَحُ: أَحدهما أَن يُقَالَ رَجُلٌ جَعْدٌ إِذا كَانَ قَصِيرًا مُتَرَدِّدَ الْخَلْقِ، وَالثَّانِي أَن يُقَالَ رَجُلٌ جَعْدٌ إِذا كَانَ بَخِيلًا لَئِيمًا لَا يَبِضُّ حَجَره، وإِذا قَالُوا رَجُلٌ جَعْدُ السُّبُوطَةِ فَهُوَ مَدْحٌ، إِلَّا أَن يَكُونَ قَطِطاً مُفَلْفَلًا كَشَعْرِ الزَّنج والنُّوبة فَهُوَ حِينَئِذٍ ذَمٌّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

قَدْ تَيَّمَتْنِي طَفْلَةٌ أُمْلُودُ ... بِفاحِمٍ، زَيَّنَهُ التَّجْعِيدُ

وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:

إِن جَاءَتْ بِهِ جَعْداً

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الْجَعْدُ فِي صِفَاتِ الرِّجَالِ يَكُونُ مَدْحًا وَذَمًّا، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا أَراده النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ هَلْ جَاءَ بِهِ عَلَى صِفَةِ الْمَدْحِ أَو عَلَى صِفَةِ الذَّمِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه سأَل أَبا رُهْمٍ الغِفاريّ: مَا فَعلَ النَّفَرُ السودُ الجِعاد؟

وَيُقَالُ لِلْكَرِيمِ مِنَ الرِّجَالِ: جَعْدٌ، فأَما إِذا قِيلَ فُلَانٌ جَعْد الْيَدَيْنِ أَو جَعْدُ الأَنامل فَهُوَ الْبَخِيلُ، وَرُبَّمَا لَمْ يَذْكُرُوا مَعَهُ الْيَدَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

لَا تَعْذُلِيني بِضُرُبٍّ جَعْد «٣»

. وَرَجُلٌ جَعْد الْيَدَيْنِ: بَخِيلٌ. وَرَجُلٌ جَعْدُ الأَصابع: قَصِيرُهَا؛ قَالَ:

مِنْ فَائِضِ الْكَفَّيْنِ غَيْرِ جَعْدِ

وقَدَمٌ جَعْدَةٌ: قَصِيرَةٌ مِنْ لُؤْمِهَا؛ قَالَ العجاج:


(١). قوله [وسود] كذا في الأَصل بحذف بعض الشطر الأَول
(٢). في معلقة طرفة: الرجل الضَّرب
(٣). قوله [بضربّ] كذا بالأَصل بالضاد المعجمة، وهذا الضبط. ولعل الصواب بظرب، بالظاء المعجمة، كعتلّ وهو القصير كما في القاموس

<<  <  ج: ص:  >  >>