للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإِنك إِنْ حُمِلتَ عَلَى جَواد، ... رَمَتْ بِكَ ذاتَ غَرْزٍ أَو رِكاب

مَعْنَاهُ: إِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تَرْضَ امرأَتك بِكَ؛ شَبَّهَهَا بِالْفَرَسِ أَو النَّاقَةِ النُّفُورُ كأَنها تَنْفِرُ مِنْهُ كَمَا يَنْفِرُ الْفَرَسُ الَّذِي لَا يُطَاوِعُ وَتُوَصَّفُ الأَتان بِذَلِكَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

إِن زَلَّ فُوه عَنْ جَوادٍ مِئْشِيرْ، ... أَصْلَقَ ناباهُ صِياحَ العُصْفورْ

«١» وَالْجَمْعُ جِيَادٍ وَكَانَ قِيَاسُهُ أَن يُقَالَ جِواد، فَتَصِحُّ الْوَاوُ فِي الْجَمْعِ لِتَحَرُّكِهَا فِي الْوَاحِدِ الَّذِي هُوَ جَوَادٌ كَحَرَكَتِهَا فِي طَوِيلٍ، وَلَمْ يُسْمَعْ مَعَ هَذَا عَنْهُمْ جِواد فِي التَّكْسِيرِ الْبَتَّةَ، فأَجروا وَاوَ جَوَادٍ لِوُقُوعِهَا قَبْلَ الأَلف مَجْرَى السَّاكِنِ الَّذِي هُوَ وَاوُ ثَوْبٍ وَسَوْطٍ فَقَالُوا جِيَادَ، كَمَا قَالُوا حِيَاضَ وَسِيَاطَ، وَلَمْ يَقُولُوا جِوَادَ كَمَا قَالُوا قِوَامَ وَطِوَالَ. وَقَدْ جَادَ فِي عَدْوِهِ وَجَوَّدَ وأَجود وأَجاد الرَّجُلُ وأَجود إِذا كَانَ ذَا دَابَّةٍ جَوَادٍ وَفَرَسٍ جَوَادٍ؛ قَالَ الأَعشى:

فَمِثْلُكِ قَدْ لَهَوْتُ بِهَا وأَرضٍ ... مَهَامِهَ، لَا يَقودُ بِهَا المُجِيدُ

واستَجادَ الفرسَ: طَلَبَهُ جَواداً. وَعَدَا عَدْواً جَواداً وَسَارَ عُقْبَةً جَواداً أَي بَعِيدَةً حَثِيثَةً، وعُقْبَتَين جَوَادَيْنِ وعُقَباً جِيَادًا وأَجواداً، كَذَلِكَ إِذا كَانَتْ بَعِيدَةً. وَيُقَالُ: جَوَّدَ فِي عَدْوِهِ تَجْوِيدًا. وَجَادَ الْمَطَرُ جَوْداً: وبَلَ فَهُوَ جَائِدٌ، وَالْجَمْعُ جَوْد مِثْلَ صَاحِبٍ وصَحْب، وَجَادَهُمُ الْمَطَرُ يَجُودهم جَوْداً. وَمَطَرٌ جَوْد: بَيِّنُ الجَوْد غَزِيرٌ، وَفِي الْمُحَكَمِ يَرْوِي كُلَّ شَيْءٍ. وَقِيلَ: الْجُودُ مِنَ الْمَطَرِ الَّذِي لَا مَطَرَ فَوْقَهُ الْبَتَّةَ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:

وَلَمْ يأْت أَحد مِنْ نَاحِيَةٍ إِلا حدَّث بالجَوْد

وَهُوَ الْمَطَرُ الْوَاسِعُ الْغَزِيرُ. قَالَ الْحَسَنُ: فأَما مَا حَكَى سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَخذتنا بِالْجُودِ وَفَوْقَهُ فإِنما هِيَ مُبَالَغَةٌ وَتَشْنِيعٌ، وإِلَّا فَلَيْسَ فَوْقَ الجَوْد شَيْءٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ، وَسَمَاءٌ جَوْد وُصِفَتْ بِالْمَصْدَرِ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الأَوائل: هَاجَتْ بِنَا سَمَاءٌ جَوْد وَكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَسَحَابَةٌ جَوْد كَذَلِكَ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. وجِيدَت الأَرضُ: سَقَاهَا الجَوْد؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

تَرَكْتُ أَهل مَكَّةَ وَقَدْ جِيدُوا

أَي مُطِروا مَطَراً جَوْداً. وَتَقُولُ: مُطِرْنا مَطْرَتين جَوْدَين. وأَرض مَجُودة: أَصابها مَطَرٌ جَوْد؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:

والخازِبازِ السَّنَمَ المجُودا

وَقَالَ الأَصمعي: الجَوْد أَن تُمْطَرَ الأَرض حَتَّى يَلْتَقِيَ الثَّرِيَانِ؛ وَقَوْلُ صَخْرِ الْغَيِّ:

يلاعِبُ الريحَ بالعَصْرَينِ قَصْطَلُه، ... والوابِلُونَ وتَهْتانُ التَّجاويد

يَكُونُ جَمْعًا لَا وَاحِدَ لَهُ كالتَّعاجيب والتَّعاشيب وَالتَّبَاشِيرِ، وَقَدْ يَكُونُ جَمْعُ تَجْواد، وَجَادَتِ الْعَيْنُ تَجُود جَوْداً وجُؤُوداً: كَثُرَ دَمْعُهَا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَحَتْفٌ مُجِيدٌ: حَاضِرٌ، قِيلَ: أُخذ مِنْ جَوْدِ الْمَطَرِ؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:

غَدَا يَرتادُ فِي حَجَراتِ غَيْثٍ، ... فصادَفَ نَوْءَهُ حَتْفٌ مُجِيدُ

وأَجاده: قَتَلَهُ. وَجَادَ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ يَجُودُ جَوْداً وجُؤُوداً: قَارَبَ أَن يَقْضِيَ؛ يُقَالُ: هُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ إِذا كَانَ فِي السِّيَاقِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هُوَ يَجُود بِنَفْسِهِ، مَعْنَاهُ يَسُوقُ بِنَفْسِهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: إِن فُلَانًا لَيُجاد إِلى فُلَانٍ أَي يُساق إِليه. وَفِي الْحَدِيثِ:

فإِذا ابْنُهُ إِبراهيم، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَجُود بِنَفْسِهِ

أَي يُخْرِجُهَا وَيَدْفَعُهَا كَمَا يَدْفَعُ الإِنسان مَالَهُ يَجُودُ بِهِ؛ قَالَ: والجود الكرم


(١). قوله [زل فوه] هكذا بالأَصل والذي يظهر أنه زلقوه أي أنزلوه عن جواد إلخ قرع بنابه على الأخرى مصوتاً غيظاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>