للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ، وَقَالَ أَبو زيد والأَصمعي وأَبو عُبَيْدَةَ: الَّذِي سَمِعْنَا مِنَ الْعَرَبِ الْفُصَحَاءِ فِي الْغَضَبِ حَرِدَ يَحْرَدُ حَرَداً، بِتَحْرِيكِ الرَّاءِ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وسأَلت ابْنَ الأَعرابي عَنْهَا فَقَالَ: صَحِيحَةٌ، إِلا أَن المفضَّل أَخبر أَن مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ حَرِدَ حَرَداً وحَرْداً، وَالتَّسْكِينُ أَكثر والأُخرى فَصِيحَةٌ؛ قَالَ: وَقَلَّمَا يَلْحَنُ النَّاسُ فِي اللُّغَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَرَدُ الْغَضَبُ؛ وَقَالَ أَبو نَصْرٍ أَحمد بْنُ حَاتِمٍ صَاحِبُ الأَصمعي: هُوَ مُخَفَّفٌ؛ وأَنشد للأَعرج الْمُغْنِي:

إِذا جِيَادُ الْخَيْلِ جَاءَتْ تَرْدِي، ... مَمْلُوءَةً مِنْ غَضَبٍ وحَرْدِ

وَقَالَ الْآخَرُ:

يَلُوكُ مِنْ حَرْدٍ عليَّ الأُرَّمَا

قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَقَدْ يُحَرَّكُ فَيُقَالُ مِنْهُ حَرِدَ، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ حَارِدٌ وحَرْدَانُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: أَسد حَارِدٌ وَلُيُوثٌ حَوَارِدُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ حَرِدَ يَحْرَدُ حَرْداً، بِسُكُونِ الرَّاءِ، إِذا غَضِبَ. قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الأَصمعي وَابْنُ دريد وعلي بْنُ حَمْزَة؛ قَالَ: وَشَاهِدُهُ قَوْلُ الأَشهب بْنِ رُمَيْلَةَ:

أُسُودُ شَرًى لاقتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ، ... تَسَاقَوْا عَلَى حَرْدٍ دِماءَ الأَساوِدِ

وحارَدَتِ الإِبل حِراداً أَي انْقَطَعَتْ أَلبانها أَو قلَّت؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

سَيَرْوِي عَقِيلًا رجْلُ ظَبْيٍ وعُلْبةٌ، ... تَمَطَّتْ بِهِ، مَصْلُوبَةٌ لَمْ تُحارِدِ

مَصْلُوبَةٌ: مَوْسُومَةٌ. وَنَاقَةٌ مُحارِدٌ ومُحارِدَة: بَيِّنَةُ الحِرادِ؛ وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُهُمْ لِلنِّسَاءِ فَقَالَ:

وبِتْنَ عَلَى الأَعْضادِ مُرْتَفِقاتِها؛ ... وحارَدْنَ إِلَّا مَا شَرِبْنَ الحَمائما

يَقُولُ: انْقَطَعَتْ أَلبانهنّ إِلا أَن يَشْرَبْنَ الْحَمِيمَ وَهُوَ الْمَاءُ يُسَخِّنَّه فَيَشْرَبْنَهُ، وإِنما يُسَخِّنَّه لأَنهنّ إِذا شَرِبْنَهُ بَارِدًا عَلَى غَيْرِ مأْكول عَقَر أَجوافهن. وَنَاقَةٌ مُحارِدٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ: شَدِيدَةُ الحِراد؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:

وحَارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ، وَلَمْ يَكُنْ، ... لعُقْبَةِ قِدرِ المُسْتَعيرينَ، مُعْقِبُ

النَّكْدُ: الَّتِي مَاتَتْ أَولادها. وَالْجِلَادُ: الْغِلَاظُ الْجُلُودِ، الْقِصَارُ الشُّعُورِ، الشِّدَادُ الْفُصُوصِ، وَهِيَ أَقوى وأَصبر وأَقل لَبَنًا مِنَ الخُورِ، والخُورُ أَغزر وأَضعف. وَالْحَارِدُ: الْقَلِيلَةُ اللَّبن مِنَ النُّوق. والحَرُودُ مِنَ النُّوقِ: الْقَلِيلَةُ الدرِّ. وَحَارَدَتِ السَّنَةُ: قَلَّ مَاؤُهَا وَمَطَرُهَا، وَقَدِ اسْتُعِيرَ فِي الْآنِيَةِ إِذا نَفِدَ شَرَابُهَا؛ قَالَ:

وَلَنَا باطيةٌ مملوءةٌ، ... جَونَةٌ يَتْبَعُهَا بِرْزِينُها

فإِذا مَا حارَدَتْ أَو بَكَأَتْ، ... فُتّ عَنْ حاجِبِ أُخرى طِينُها

الْبِرْزِينُ: إِناء يُتَّخَذُ مِنْ قِشْرِ طَلْعِ الفُحَّالِ يُشْرَبُ بِهِ. والحَرَدُ: دَاءٌ فِي الْقَوَائِمِ إِذا مَشَى البعيرُ نفَض قَوَائِمَهُ فَضَرَبَ بِهِنَّ الأَرض كَثِيرًا؛ وَقِيلَ: هُوَ دَاءٌ يأْخذ الإِبل مِنَ العِقالِ فِي الْيَدَيْنِ دُونَ الرِّجْلَيْنِ. بَعِيرٌ أَحْرَدُ وَقَدْ حَرِدَ حَرَداً، بِالتَّحْرِيكِ لَا غَيْرُ؛ وَبَعِيرٌ أَحْرَدُ: يَخْبِطُ بِيَدَيْهِ إِذا مِشى خَلْفَهُ؛ وَقِيلَ: الحَرَدُ أَن يَيْبَسَ عَصَبُ إِحدى الْيَدَيْنِ مِنَ العِقال وَهُوَ فَصِيلٌ، فإِذا مَشى ضَرَبَ بِهِمَا صدرَه؛ وَقِيلَ: الأَحْرَدُ الَّذِي إِذا مَشَى رَفَعَ قَوَائِمَهُ رَفْعًا شَدِيدًا وَوَضَعَهَا مَكَانَهَا مِنْ شَدَّةِ قَطافَتِه، يَكُونُ فِي الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا، والحَرَدُ مَصْدَرُهُ. الأَزهري: الحَرَدُ فِي الْبَعِيرِ حَادِثٌ لَيْسَ بِخِلْقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَرَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>