للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَدِيثُ:

فأَرْصَدَ اللَّهُ عَلَى مَدْرجته ملَكاً

أَي وَكَلَّهُ بِحِفْظِ الْمَدْرَجَةِ، وَهِيَ الطَّرِيقُ. وَجَعَلَهُ رَصَداً أَي حَافِظًا مُعَدّاً. وَفِي حَدِيثُ

الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَذَكَرَ أَباه فَقَالَ: مَا خَلَّف مِنْ دُنْيَاكُمْ إِلا ثُلْثُمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ أَرصَدَها لِشِرَاءِ خَادِمٍ.

وَرُوِيَ عَنِ

ابْنِ سِيرِينَ أَنه قَالَ: كَانُوا لَا يَرْصُدون الثِّمَارَ فِي الدَّيْن وَيَنْبَغِي أَن يُرْصَد العينُ فِي الدَّيْن

؛ قَالَ: وَفَسَّرَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فَقَالَ إِذا كَانَ عَلَى الرَّجُلِ دَيْنٌ وَعِنْدَهُ مِنَ الْعَيْنِ مِثْلُهُ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ، وإِن كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وأَخرجت أَرضه ثَمَرَةً يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ لَمْ يَسْقُطُ الْعُشْرُ عَنْهُ مِنْ أَجل مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ، لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا وَفِيهِ خِلَافٌ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: قَوْلُهُمْ فُلَانٌ يَرْصُد فُلَانًا مَعْنَاهُ يَقْعُدُ لَهُ عَلَى طَرِيقِهِ. قَالَ: والمَرْصَدُ والمِرْصادُ عِنْدَ الْعَرَبِ الطَّرِيقُ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ وَاقْعُدُوا لَهُمْ عَلَى طَرِيقِهِمْ إِلى الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَي كُونُوا لَهُمْ رَصَداً لتأْخذوهم فِي أَيّ وَجْهٍ تَوَجَّهُوا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: عَلَى كُلِّ طَرِيقٍ؛ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ

؛ مَعْنَاهُ لَبِالطَّرِيقِ أَي بِالطَّرِيقِ الَّذِي مَمَرُّكَ عَلَيْهِ؛ وَقَالَ عَدِيٌّ:

وإِنَّ الْمَنَايَا للرجالِ بِمَرْصَد

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَي يَرْصُدُ مَنْ كَفَرَ بِهِ وَصَدَّ عَنْهُ بِالْعَذَابِ؛ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَي يَرْصُد كُلَّ إِنسان حَتَّى يجازِيَه بِفِعْلِهِ. ابْنُ الأَنباري: المِرصاد الْمَوْضِعُ الَّذِي تُرْصَدُ النَّاسُ فِيهِ كَالْمِضْمَارِ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُضَمَّر فِيهِ الْخَيْلُ مِنْ مَيْدَانِ السِّبَاقِ وَنَحْوِهِ، والمَرْصَدُ: مِثْلُ المِرصاد، وَجَمْعُهُ الْمَرَاصِدُ، وَقِيلَ: الْمِرْصَادُ الْمَكَانُ الَّذِي يُرْصَدُ فِيهِ الْعَدُوُّ. وَقَالَ الأَعمش في قوله: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ

؛ قَالَ: الْمِرْصَادُ ثَلَاثَةُ جُسُورٍ خَلْفَ الصِّرَاطِ: جِسْرٌ عَلَيْهِ الأَمانة، وَجِسْرٌ عَلَيْهِ الرَّحِمُ، وَجِسْرٌ عَلَيْهِ الرَّبُّ؛ وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً

، أَي تَرْصُد الْكُفَّارَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً

أَي إِذا نَزَلَ الملَك بِالْوَحْيِ أَرسل اللَّهُ مَعَهُ رَصَدًا يَحْفَظُونَ الْمَلَكَ مِنْ أَن يأْتي أَحد مِنَ الْجِنِّ، فَيَسْتَمِعُ الْوَحْيَ فَيُخْبِرُ بِهِ الْكَهَنَةَ وَيُخْبِرُوا بِهِ النَّاسَ، فَيُسَاوُوا الأَنبياء. والمَرْصَد: كالرصَد. وَالْمِرْصَادُ والمَرْصَد: مَوْضِعُ الرَّصْدِ. وَمَرَاصِدُ الْحَيَّاتِ: مَكَامِنُهَا؛ قَالَ الْهُذَلِيِّ:

أَبا مَعْقَلٍ لَا يُوطِئَنْكَ بغاضَتي ... رُؤوسَ الأَفاعي فِي مَراصِدِها العُرْم

وَلَيْثٌ رَصِيدٌ: يَرْصُدُ لِيَثِبَ؛ قَالَ:

أَسليم لَمْ تَعُدْ، ... أَم رصِيدٌ أَكلَكْ؟

والرَّصْد والرَّصَد: الْمَطَرُ يأْتي بَعْدَ الْمَطَرِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَطَرُ يَقَعُ أَوّلًا لِمَا يأْتي بَعْدَهُ، وَقِيلَ: هُوَ أَوّل الْمَطَرِ. الأَصمعي: مِنْ أَسماء الْمَطَرِ الرصْد. ابْنُ الأَعرابي: الرصَد الْعِهَادُ تَرْصُد مَطَرًا بَعْدَهَا، قَالَ: فإِن أَصابها مَطَرٌ فَهُوَ الْعُشْبُ، وَاحِدَتُهَا عِهْدَة، أَراد: نَبَت العُشْب أَو كَانَ الْعُشْبُ. قَالَ: وَيَنْبُتُ الْبَقْلُ حِينَئِذٍ مُقْتَرَحًا صُلْباً، وَاحِدَتُهُ رَصَدَة ورَصْدة؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ قَدْ كَانَ قَبْلَ هَذَا الْمَطَرِ لَهُ رَصْدَة؛ والرَّصْدة، بِالْفَتْحِ: الدُّفعة مِنَ الْمَطَرِ، وَالْجَمْعُ رِصَادٌ، وَتَقُولُ مِنْهُ: رُصِدَت الأَرض، فَهِيَ مَرْصُودَةٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَرض مُرصِدة مُطِرَتْ وَهِيَ تُرْجَى لأَن تَنْبُتَ، وَالرَّصْدُ حِينَئِذٍ: الرَّجَاءُ لأَنها تُرْجَى كَمَا تُرْجَى الْحَائِلُ «٢» وَجَمْعُ الرَّصْدِ أَرصاد. وأَرض مَرْصُودَةٌ ومُرْصَدة: أَصابتها الرَّصْدة. وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: لَا يُقَالُ مَرْصُودَةٌ وَلَا مُرْصَدَة، إِنما يُقَالُ أَصابها رَصْد ورَصَد. وأَرض مُرصِدة إِذا كَانَ بِهَا شيء


(٢). قوله [ترجى الحائل] مرة قالها بالهمز ومرة بالميم، وكلاهما صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>