للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نابِئٌ. كَذَلِكَ قَالَ الأَخطل:

أَلا فاسْقِياني وانْفِيا عَنِّيَ القَذَى، ... فليسَ القَذَى بالعُودِ يَسْقُطُ فِي الخَمْرِ

وليسَ قَذاها بالَّذِي قَدْ يَريبُها، ... وَلَا بِذُبابٍ، نَزْعُه أَيْسَرُ الأَمْرِ

«١» ولكِنْ قَذاها كُلُّ أَشْعَثَ نابِئٍ، ... أَتَتْنا بِه الأَقْدارُ مِنْ حَيْثُ لَا نَدْري

وَيُرْوَى: قَدَاهَا، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. قَالَ: وَصَوَابُهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. وَمِنْ هُنَا قَالَ الأَعرابي لَهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَا نَبِيءَ اللَّهِ، فهَمز، أَي يَا مَن خَرَج مِنْ مكةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فأَنكر عَلَيْهِ الْهَمْزَ، لأَنه لَيْسَ مِنْ لُغَةِ قُرَيْشٍ. ونَبَأَ عَلَيْهِمْ يَنْبَأُ نَبْأً ونُبُوءاً: هَجَم وطَلَع، وَكَذَلِكَ نَبَهَ ونَبَع، كِلَاهُمَا عَلَى الْبَدَلِ. ونَبَأَتْ بِهِ الأَرضُ: جاءَت بِهِ قَالَ حَنَشُ بْنُ مَالِكٍ:

فَنَفْسَكَ أَحْرِزْ، فإِنَّ الحُتُوفَ ... يَنْبَأْنَ بالمَرْءِ فِي كلَّ وَادِ

ونَبَأَ نَبْأً ونُبُوءاً: ارْتَفَعَ. والنَّبْأَةُ: النَّشْزُ، والنَبِيءُ: الطَّريقُ الواضِحُ. والنَّبْأَةُ: صوتُ الكِلاب، وَقِيلَ هِيَ الجَرْسُ أَيّاً كَانَ. وَقَدْ نَبَأَ نَبْأً. والنَّبْأَةُ: الصوتُ الخَفِيُّ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وَقَدْ تَوَجَّسَ رِكْزاً مُقْفِرٌ، نَدُسٌ، ... بِنَبْأَةِ الصَّوْتِ، مَا فِي سَمْعِه كَذِبُ

الرِّكْزُ: الصوتُ. والمُقْفِرُ: أَخُو القَفْرةِ، يُرِيدُ الصَّائِدَ. والنَّدُسُ: الفَطِنُ. التَّهْذِيبُ: النَّبْأَةُ: الصوتُ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ. قَالَ الشَّاعِرُ:

آنَسَتْ نَبْأَةً، وأَفْزَعَها القَنَّاصُ ... قَصْراً، وقَدْ دَنا الإِمْساءُ

أَرادَ صاحِبَ نَبْأَةٍ.

نتأ: نَتَأَ الشيءُ يَنْتَأُ نَتْأً ونُتُوءاً: انْتَبَر وانْتَفَخَ. وكلُّ مَا ارْتَفَعَ مِنْ نَبْتٍ وَغَيْرِهِ، فَقَدْ نَتَأَ، وَهُوَ ناتِئٌ، وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:

قَدْ وَعَدَتْنِي أُمُّ عَمْرو أَنْ تَا ... تَمْسَحَ رَأْسِي، وتُفَلِّيني وَا

وتَمْسَحَ القَنْفَاءَ، حَتَّى تَنْتا

فَإِنَّهُ أرَاد حَتَّى تَنْتَأَ. فإِمَّا أَن يَكُونَ خَفَّفَ تَخْفِيفًا قِياسِيًّا، عَلَى مَا ذَهب إِلَيْهِ أَبو عُثْمَانَ فِي هَذَا النَّحْوِ، وإِما أَن يَكُونَ أَبدلَ إِبْدَالًا صَحِيحًا، عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الأَخفش. وَكُلُّ ذَلِكَ لِيُوَافِقَ قَوْلَهُ تَا مِنْ قَوْلِهِ:

وَعَدَتْنِي أُمُّ عَمْرٍو أَن تَا

ووَا مِنْ قَوْلِهِ:

تَمْسَحَ رأْسي وتفلِّيني وَا

وَلَوْ جَعَلَهَا بَيْنَ بَيْنَ لَكَانَتِ الْهَمْزَةُ الْخَفِيفَةُ فِي نِيَّةِ الْمُحَقَّقَةِ، حَتَّى كأَنه قَالَ: تَنْتَأُ، فَكَانَ يَكُونُ تَا تَنْتَأُ مُسْتَفْعِلُنْ. وَقَوْلُهُ: رَنَ أَن تَا: مَفْعُولُنْ. وَلِيَنِيَ وَا: مَفْعُولُنْ، وَمَفْعُولُنْ لَا يجيءُ مَعَ مُسْتَفْعِلُنْ، وَقَدْ أَكْفَأَ هَذَا الشَّاعِرُ بَيْنَ التاءِ وَالْوَاوِ، وأَراد أَن تَمْسَح وتُفَلِّيَنِي وتَمْسَحَ، وَهَذَا مِن أَقْبَحِ مَا جاءَ فِي الإِكْفَاءِ. وإِنما ذَهَبَ الأَخفش: أَن الرويَّ مِنْ تَا وَوَا التاءُ وَالْوَاوُ مِنْ قِبَل أَنَّ الأَلف فِيهِمَا إِنما هِيَ لإِشباع فتحة


(١). [وليس قذاها إلخ] سيأتي هذا الشعر في ق ذ ي على غير هذا الوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>